الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فقدت الثقة في زوجتي بعد اكتشافي سرقتها لي، ماذا أفعل؟

السؤال

الحمد الله ربنا رزقني بالزوجة، ورزقت منها بثلاث بنات، إلا أن زوجتي فيها مرض التجميع (التحويش) والسرقة مني مبالغ كبيرة، تكلمت معها بكل هدوء وتواعدنا أن لا نعود لهذا الأمر، وبعد مضي شهرين اكتشفت أنها تفعل مثل هذا الفعل!

غضبت منها إلا أنها تأسفت وندمت، وبعد ذلك كررت الفعل! اشتكيت لأبيها وأمها وأختها لكن للأسف لا حياة لمن تنادي، مع مرور الوقت دخلت في مشروع وكنت محتاجا أموالا؛ طرحت المشروع على زوجتي، إلا أني تفاجأت أن زوجتي تتفق مع أختها أن تسلفني المال وأنا أمضي على وصل لحين السداد، إلا أني شكيت في الأمر وتأكدت أن المال مالي.

حصلت مشكلة كبيرة جدا لولا تدخل الأهل من هنا وأهل الخير من هناك قبل وقع الطلاق، ومع كل ذلك تريد أن تعود إلى هذا الفعل!

أنا فاقد الثقة في زوجتي! والله ما أخرت عنها أي شيء، طلباتها كلها مجابة، ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abbdo حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب.

نحن نتفهم مشاعر الضيق التي تُعانيها – أيها الحبيب – بسبب تصرُّفات زوجتك، وتصرُّفها بلا شك تصرُّف خاطئ، فلا يحل للزوجة أن تأخذ شيئًا من مال زوجها بغير طيب نفسٍ منه، خصوصًا وأنه قائم بالواجب عليه، فلا يُقصّر في شيء من نفقاتها، ولكن مع هذا – أيها الحبيب – فلدينا نصائح نأمل إن شاء الله أن تأخذها بعين الاعتبار، وأن تكون نافعة لك، ومخففة عنك بعض ما تجد.

أولاً: ممَّا يُخفف عنك – أيها الحبيب – ما تُلاحظه أنت من تصرُّفات زوجتك بأنها تدّخر هذه المبالغ وتحتفظ بها ولا تُنفقها في غير وجهها، وهي بهذا مُحسنة بعض الإحسان وإن أساءت في أخذ المال، فإنها بحفظها لهذا المال وتوفيره تحفظه لنفسها ولبناتك، وأمر بناتك يهمُّك جدًّا، فإذا شجعت زوجتك على اغتنام هذه المبالغ وحفظها وتوفيرها، وإذا أمكن تنميتُها، فهذا سيُشعرها بالطمأنينة، وستجد الثقة فيك، وربما دفعتها هذه الثقة إلى ترك هذا السلوك الذي تفعله هي بجهلٍ منها بُغية تأمين نفسها ومستقبلها، فإذا أحسّت منك بأنك أيضًا تُشاركها هذا الهم وتحرص على تأمين مستقبلها ومستقبل بناتها، فإن الثقة فيك ستعظم وتزداد، وذاك سيدفعها إلى أن تكفّ عن هذا التصرُّف وتشعر بأن ما في يدك أنت هو أيضًا لها وللبنات. هذه النصيحة الأولى.

النصيحة الثانية -أيها الحبيب-: أن تتلطّف بزوجتك وتُذكّرها بهذا المعنى الذي سبق، وأنك تعمل من أجلها ومن أجل بناتها، وأن ما تحفظه أنت من الأموال إنما تُديره وتحفظه حتى لا يتبدّد أو يضيع، ونحو ذلك من الكلام الذي يغرس الثقة في نفس زوجتك ويطرد عنها خوف المستقبل، ومع هذه النصيحة ينبغي أن تُذكّر زوجتك بأن مال المسلم حرام لا يجوز إلَّا بطيب نفسٍ منه، ولو بأن تُذكّرها بهذا المعنى بوسائل غير مباشرة، وكلامٍ غير مباشر.

الوصية الثالثة – أيها الحبيب – أن تكون رجلاً حازمًا لبيبًا حاذقًا، فتحفظ أموالك بحيث لا تستطيع الزوجة الوصول إلى ما يُؤذيك منها، أمَّا الشيء البسيط فهذا ممّا جرت عادة الناس وعادة العقلاء والكُرماء على التسامح فيه وغض النظر عنه.

والوصية الرابعة – أيها الحبيب – أن تتجنّب الظنون السيئة التي ليست عليها البراهين والأدلة، فلا تسمح لنفسك للاسترسال وراء الظنون السيئة بزوجتك إذا كنت غير متيقن من أنها تأخذ أموالك، فإن الله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن إن بعض الظن إثم}.

وقد أحسنت – أيها الحبيب – في تجنُّب الطلاق والابتعاد عنه، وهذا دليل على رجاحة في عقلك وإدراك منك لمصلحتك ومصلحة أسرتك، فإن الطلاق من ورائه ضياع الأسرة وتفتُّتها وتفُكُّكها، وتعرُّض الأبناء والبنات لكثير من المآسي والأحزان التي هم في غنىً عنها، والتي تُؤثّر على مستقبل حياتهم، فأصبتَ كل الإصابة في تجنُّب الطلاق والابتعاد عنه، وكلّ ما تعانيه أو تجده من إيذاء من زوجتك فإنك إن احتسبت أجرك عند الله، فإن الله لا يُضيع أجر من أحسن عملاً.

نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يُوفقك، ويُصلح حالك وحال زوجتك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً