الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت أعاني من فقدان الذاكرة وعدم التركيز

السؤال

السلام عليكم

تحية طيبة وبعد:

تم تشخيصي بأني مصاب باضطراب ثنائي القطب منذ عدة سنوات، والأغلب فيه نوبات الاكتئاب، فقد تعرضت لنوبتي هوس فقط.

أنا تخرجت من كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي بتقدير جيد جداً، والمركز الثاني على الدفعة، منها ثلاث سنوات، والأول على الدفعة، وكنت أملك ذاكرة قوية جداً، وعملت كمحاضر في الجامعة لفترة، ومهندس برمجيات.

عانيت من نوبة اكتئاب شديدة وأفكار انتحارية، فقام الطبيب المعالج بإعطائي جلسات كهربائية 10 جلسات منذ أكثر من 7 شهور.

تحسنت بعدها تحسناً طفيفاً، واختفت الأفكار الانتحارية، ومن وقتها وأنا أعاني من ضعف كبير في الذاكرة، لا أذكر ماذا أكلت في الإفطار، لا أذكر هل أخذت الدواء أم لا؟!

إذا تحدثت مع أحد لا أذكر تفاصيل المحادثة، وأنسى الطرق والعلامات، وأنسى الأيام، وأنسى في أي يوم, كم في الشهر!

لدي ضعف شديد في الذاكرة والانتباه.

آخذ الآن بروزاك 40 مجم ولاميكتال 100 ع مدار اليوم، والدكتور اعطاني لوسييدريل 1000 و donepezil 5mg

أنا لا أستطيع العمل ولا القيام بالأنشطة اليومية والحالة تتدهور أكثر فأكثر، حتى وأنا أكتب هذه الاستشارة أجد صعوبة في كتابة التفاصيل التي قد تساعدكم في تشخيص الحالة.

هل الذاكرة ستعود؟ هل ستتحسن للأفضل؟

أريد منكم إجابة تشرح صدري إن شاء الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أخي: من الضروري جدًّا أن تحافظ على مراجعاتك ومواعيدك مع الطبيب النفسي فيما يتعلق بعلاج الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، وقطعًا عدم حدوث أي نوبات سيساهم بصورة واضحة في استقرار صحتك النفسية، وهذا سوف يعود عليك بخير كثير.

الـ (بروزاك Prozac) والـ (لاميكتال Lamictal) هي من الأدوية الجيدة والممتازة، وكما تفضلت من الواضح أن القطب الاكتئابي كان هو الأشد عندك، لذا حرص الطبيب أن تتناول أحد مضادات الاكتئاب وهو البروزاك، وجرعة اللاميكتال – وهي مائة مليجرام – حقيقةً قد لا تكون كافية، اللاميكتال دواء رائع جدًّا، دواء ممتاز جدًّا، لكنّه بطيء الفعالية، وشاور طبيبك ما دام القطب الاكتئابي هو الأقوى، فقد تحتاج أن ترفع جرعة اللاميكتال قليلاً، لكن هذا الأمر متروك لطبيبك طبعًا.

بالنسبة لموضوع الذاكرة – أيها الفاضل الكريم – أولاً: لا أريدك أبدًا أن تعتقد أن الجلسات الكهربائية هي التي أدَّت إلى خلل في ذاكرتك، لأن الكلام الدائر كثير جدًّا حول العلاقة بين الجلسات الكهربائية والذاكرة، فيما مضى كانت هنالك بعض المؤشرات التي تُشير على أن العلاج الكهربائي الذي يُعطى دون تخطيط وتحت ظروف مُعيّنة ربما يؤدي إلى خلل بسيط في الذاكرة لدى بعض الناس، لكن الحمد لله تعالى خلال السنوات الأخيرة ومن خلال استعمال الأجهزة الحديثة أُثبت تمامًا أن العلاج الكهربائي لا يُؤدي إلى أي خلل في الذاكرة.

أيها الفاضل الكريم: أنا أعتقد أنه ربما لديك شعور بأن ذاكرتك ضعيفة، ربما يكون لديك شعور بعدم التركيز، وهذا لا يعني خلل حقيقي في الذاكرة، أو بمعنى آخر أنه ليس لديك علّة عضوية في الدماغ تكون سببًا في ضُعف الذاكرة لديك، وأنا أعتقد أنه من الضروري جدًّا أن نعتمد على المُرتكزات العلمية الصحيحة فيما يتعلّق بتقييم الذاكرة في أي إنسان، خاصة الذين هم في سِنّك.

أيها الفاضل الكريم: هنالك اختبارات مُحددة جدًّا ومعروفة جدًّا يقومُ بها الأطباء والأخصائيين النفسيين للتأكد من مستوى الذاكرة والتركيز. هذه الاختبارات تقوم على دراسات وعلى أسس علمية وتجارب مختبرية ومعملية معروفة. فأنا أفضّل أن يكون هنالك اختبار موثّق لمستوى الذاكرة لديك، (الذاكرة الحديثة، الذاكرة الآنية، الذاكرة بعيدة المدى، القدرة على التسجيل، القدرة على التخزين) هذه كلها حقيقة اختبارات معروفة.

أنا أثق تمامًا أن نفسيتك سوف تكونُ ممتازة، وهذا في حدِّ ذاته سوف يعطيك دافعًا إيجابيًا لئلا تشعر بأي ضعف في ذاكرتك.

أمَّا الأدوية التي وصفت لك وهي: الـ (لوسييدريل Lucidril) فهذا الدواء يُعطى في حالات الشيخوخة، والجلطات الدماغية، لأنه ربما يُحسّن من مستوى الدورة الدموية في الدماغ، ممَّا ينتج عنه تحسُّنًا في الذاكرة والتركيز.

أمَّا الـ (دونيبيزيل donepezil): فهو دواء معروف جدًّا لعلاج الخرف أو يُعطى للحالات التي يكون فيها بوادر ضعف الذاكرة الناتج من متلازمة الزهايمر أو الأسباب الأخرى المعروفة لدى الأطباء.

عمومًا هي أدوية ليس فيها ضرر من ناحية الآثار الجانبية، لكن - مع احترامي الشديد للطبيب الذي وصفها لك - لا أراها تنطبق على حالتك، لأنك ليس لديك علّة حقيقية في خلايا الدماغ، فائدتها ونفعها هو حقيقة أمر خاضع للنقاش، لكن من ناحية عامة أطمئنك أنها سليمة، وإن أردتَّ أن تتناولها فهذا أمرٌ متروك لك.

هنالك دواء يُسمَّى (بيراسيتام Piracetam) وهذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري (نوتروبيل Nootropil) هذا أيضًا يُقال أنه يُحسّن الدورة الدموية في الدماغ، وبعض الناس تكلموا عنه إيجابيًا، والبعض ذكر سلبياته، فإذا تناولت الـ (لوسييدريل) والـ (دونيبيزيل) لا داعي أن تُجرّب النوتروبيل، أمَّا إذا لم تستعمل الدوائين الموصوفين فيمكنك أن تتناول النوتروبيل بجرعة أربعمائة مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم أربعمائة مليجرام صباحًا لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناوله.

أنا متأكد أن التركيز لديك سوف يتحسّن من خلال الآليات التي ذكرناها والانتظام على العلاج، وأن يكون نمط حياتك نمطًا إيجابيًّا.

أيها الفاضل الكريم: لا بد أن تسعى جاهدًا لأن تُغيّر مشاعرك لتكون إيجابية، أفكار تكون أيضًا إيجابية، وأفعالك تكون إيجابية، خاصة فيما يتعلق بموضوع العمل.

تعبير (لا أستطيع) أرجو ألَّا يكون أبدًا جزءًا من حياتك، فأنت تستطيع وتستطيع إن شاء الله تعالى، وقد قال الله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}، أعط نفسك هذه الإشارات الإيجابية، وإن شاء الله تعالى سوف تستطيع فعل ما تقدر عليه.

أتمنّى أن يشرح الله صدرك في جميع مرافق حياتك، وأن تكون هذه الإجابة أيضًا سببًا في شرح صدرك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً