الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أقاوم نفسي الأمارة بالسوء وأرجع إلى ربي؟

السؤال

السلام عليكم.

أشكركم على هذا الموقع المفيد، بارك الله فيكم ووفقكم.

أحتاج مساعدتكم، أنا فتاة عمري 17 سنة، أمي متوفية وأبي تركني وحيدة، لذلك ليس لدي من يساعدني فلجأت إليكم.

كنت فتاة مؤمنة وملتزمة، وكنت دائما أحب الله وآمن به، وأفعل أغلب الأشياء التي تقربني له، ولكن مؤخرا صرت ضعيفة لدرجة أنني أفكر بأكثر الأشياء السيئة، وأشعر أن الشيطان غلبني، والآن أنا محبطة جدا، لأنني لا أتحمل فكرة أن الله غاضب علي، لا أتحمل فكرة أن الله لن يرضى عني، ولشدة خوفي من الفكرة بدأت أفكر بالانتحار.

أنا متعبة، ليس لدي من يساعدني، ولا أعلم ماذا علي أن أفعل؟ أرجوكم ساعدوني ولو بالدعاء، لقد تعبت من النقاشات الحادة بين نفسي المطيعة ونفسي الأخرى المطيعة للشيطان، أرجوكم ساعدوني قبل فوات الأوان، لأنني أريد أن أبقى قريبة من الله، ذلك يجعلني سعيدة ومرتاحة، أعلم أني تكلمت كثيرا، لكن لا شيء يصف ما أمر به الآن.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سارة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظك بحفظه، وأن يرعاك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرزقك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل.

أختنا الكريمة: إننا نحمد الله إليك تدينك، ونحمد الله أن وفقك لطاعته، وأن حبب إليك ذكره والتقرب منه سبحانه، وهذا يدل على خير فيك نسأل الله أن تكوني أفضل مما نقول.

أختنا: لا شك أن الابتعاد عن الأهل مؤثر، وفقدك لأمك، وابتعاد والدك عنك، كل هذا له أثر عميق في نفسك، ولكن لله حكمة جلّت عن أفهمانا، فلا يقع في ملك الله شيء إلا بحكمة علمها من علمها وجهلها من جهلها.

ثانيا: مهمة الشيطان في الحياة صد الإنسان عن الله، وأن يحزنه، وأن ييأسه من رحمة الله، وهذه دوره لأنه عدو، وقد ألقى في رأسك شبهة وجعل منها حقيقة، وبدأت تتصرفين على أنها كذلك، وهي وهم، من قال لك: إن الله لا يحبك، أو أن الله ليس راضيا عنك! كيف اقتنعت بكلامه وقد حذرك الله من الاستماع له وحذرك من خطواته المستدرجة لك.

ثالثا: إن الله يحبك، وهناك دلائل على ذلك، فانتبهي لهذا الكلام، فقد ذكر أهل العلم علامات لمحبة الله تعالى للعبد،منها:
1- أن يوفقه الله –عز وجل- للإسلام والإيمان والتدين به. يقول ابن مسعود رضي الله عنه: (إن الله تعالى يعطي المال من أحب ومن لا يحب ولا يعطي الإيمان إلا من يحب) فإذا وفق الله تعالى عبده للتدين وحببه في الطاعات فهذا علامة محبته له.

2- ومن علامات محبة الله عز وجل للعبد: أن يوفقه إلى الرفق واللين، قال صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله إذا أحب أهل بيت أدخل عليهم الرفق) وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ)، فإذا رزقك الله الرفق وحب المساكين ولين القول فهذا كذلك علامة محبة.

3- كذلك من علامات محبة الله عز وجل لعبده المؤمن أن يصيب منه في ماله أو بدنه، فقد روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ)، وقد ابتلاك الله بفقدان الأم وغياب الأب.

4- كذلك من علامات حب الله للعبد أن يوفق إلى حسن الخلق، فقد سئل النبي -صلى الله عليه وسلم-: من أحب عباد الله إلى الله تعالى؟ قال: (أحسنهم خلقا).

5- كذلك من علامات محبة الله للعبد أن يرزقه التوبة كلما وقع أو زلت به القدم أو وقع في المعصية، قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 135]، فذكر الله أن مِن صفات المتَّقين أنهم قد يقَعوا في الذنوب، لكنهم يبادرون بالتوبة والاستغفار.

والصراع الحاصل لك بين الشيطان وبين حبك لله دليل هام على محبة الله لك، ولو كنت غير ذلك لما وجدت أدنى تألم في نفسك تجاه أي معصية أو فكرة سيئة.

وأخيرا: إننا ننصحك بتجديد التوبة إلى الله، وشغل أوقاتك بالنافع دائما، والابتعاد عن الفراغ، كلما وجدت فراغ وقت استثمريه في القراءة، أو الأذكار، أو أي شيء نافع.

كما ننصحك باختيار بعض الأخوات الصالحات في منطقتك أو مسجدك، التعرف عليهم هام جدا في هذه المرحلة، ولن تعدمي الخير -إن شاء الله-، ونحن هنا آباؤك وأخوانك، راسلينا في أي وقت.

نسأل الله أن يحفظك وأن يبارك فيك ، وأن يرزقك محبة الله عز وجل ، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً