الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أصبح إنسانة متميزة يحبها الله والمجتمع؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشعر بأني سيئة، فأنا بنت عاقة، وأخت بدون أخلاق، وصديقة سيئة، كأنني من نسل الشيطان، مهما حاولت إصلاح نفسي أقع في الهاوية، حتى عائلتي في كل فرصة ممكنة يذكرونني بأنني الأسوأ، رغم محاولاتي أن أصبح جيدة ولكنني فشلت.

منذ صغري أفكر في الانتحار، وأنتظر الموت حتى يرتاح العالم مني، أصلي، وأقرأ وردي اليومي، وأرتدي الحجاب الشرعي، وأحاول قدر المستطاع أن لا أتكلم أو أتواصل بالحياة الاجتماعية؛ لأن لساني يطلق السم، ومع هذا كله لم أسلم من نفسي.

أنا لا أعرف معنى الاحترام في حياتي، ولو طلبوا أهلي بعض الاحترام أخبرهم أن الاحترام يتعلمه الطفل في صغره عندما يعامل به، بعكسي أنا، فأنا دائما بالنسبة لهم البنت الكاذبة السيئة، وتعرضت إلى التعنيف الجسدي والنفسي في الصغر، وكنت أدعو الله أن أنام ليلة واحدة دون بكاء أو عنف، عائلتي تقارن بيني وبين أختي المثالية في كل شيء.

كتبت لكم طلبًا للمساعدة والتوجيه، لعلي أخرج من قوقعتي وظلامي ليهديني الله لسبيله، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ hayat حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

أختنا الفاضلة: هوني على نفسك، واعلمي أن الأمور ليست بهذا السوء، فأنت من كتبت هذه الرسالة لنا، وفيها من الفهم والأدب واللغة ما ينبغي أن تفخري به، ومن التدين والحرص عليه، وقراءة القرآن رغم المعاناة التي وضعت نفسك فيها، ما نرجو أن تكوني من أهل التدين الصالحين، كما فيها من احتقار الذات واتهام النفس والقسوة عليها ما يجب أن تحذري منه.

أختنا: أخطر ما في مراحل الإصلاح: التضخيم، نعم، لسنا ملائكة، وكل منا في جوفه أخطاء وسلبيات كما عندنا محاسن وإيجابيات، والعاقل من يوازن بين الخير الذي فيه والسوء الذي عليه، فيمدح نفسه إذا أحسن ويقوّم نفسه إذا أساء، لكن أن تنظر الفتاة إلى نفسها بعد أن أكرمها الله بالإسلام، وأكرمها بالالتزام، وأكرمها بالحجاب ثم بعد ذلك تقول: نسل الشيطان! لا شك أن هذه مبالغة الدافع إليها هو تضخيم المساوئ وتحقير المحاسن.

أختنا الكريمة: نحن نعيش هذه الحياة، وهذا الدار قامت في أصلها على الابتلاء، قال الله: (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا)، فالبلاء مدرك الجميع لا محالة، وهو من حكمة الله تعالى حتى يتبين الصادق من الكاذب، والمحسن من المسيء، لكن آفة من يبتلى بأي ابتلاء أنه ينظر إليه نظرة العاجز عن دفعه، ويوقن من داخله أنه ما من أحد أشد منه ابتلاء، ولا أعظم منه مصاباً، وهذا ما يدفعه إلى الزهد في تحسين حاله، بل والاجتهاد في تدمير نفسه، وهذا من العجز -أختنا-، ولو عقل لفعل ما ذكرناه من الموازنة بين ما عنده من خير وما فيه من سوء، ثم بعد ذلك تقدم لإصلاح نفسه.

الأخت الفاضلة: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- بين في حديث واضح أن الله إذا أحب عبداً أصاب منه فقال: "من يرد الله به خيراً يصب منه"، وبين أن هذا المصاب مزية له لو صبر وقاوم، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: "ما من مسلم يصيبه أذى من مرض، فما سواه إلا حط الله به سيئاته، كما تحط الشجرة ورقها"، وقال: "ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه".

وهذه بشارة لكل مبتلى، بل ودافع له وهو يقاوم ألمه أنه مأجور، فقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: "عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيرا له".

قال عمر بن الخطاب: "وجدنا خير عيشنا بالصبر"، وقال علي -رضي الله عنه-: "الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد"، وعن الحسن قال: "والله لتصبرن أو لتهلكن".

الأخت الكريمة: أحب الناس إليك، وأحنهم عليك، وأرضاهم لك: والداك، فلا تأخذي منهم موقفًا سلبيًا حتى وإن أخطؤوا، قد يخطئ البعض لدفع ولده إلى التميز، بمقارنته بإخوانه وأقرانه، هذا سلوك خاطئ لكن الوالد يقيناً لا يقصد السوء ولا يريده، ولذلك من عنده تبدئين طريق الإصلاح الطبيعي.

اجلسي مع والديك، وأخبريهم عن حبك لهم، وعن افتقادك الحنان منهم، وعن اعتذارك عن أي خطأ سابق، وابدئي حياة جديدة وأخبريهم أن يشجعوك ويدفعوك للأمام، فإذا نجحت في بيتك الصغير ستنجحين في عالمك الكبير.

الأخت الصالحة: إن الجوف وعاء واللسان مغرفة، فلا تقولي لساني: يقول السم، بل قولي سأدربه حتى يقول الشهد، ابدئي بالقراءة كثيرًا في سيرة الصحابة والسلف، وابتعدي عن متابعة كل من خف عقله وساء لفظه، افعلي ذلك ثلاثة أشهر، وستجدين تغيرًا في حياتك -إن شاء الله-.

وأخيرا: إننا ندعو الله أن يحفظك وان يسعدك وأن يسلمك لكل خير، وننتظر منك أخبارًا طيبة عن قريب -بأمر الله-، وفقك الله ورعاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً