الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي شكوك في العقيدة.. هل أذهب للطبيب النفسي؟

السؤال

السلام عليكم

جاءتني بعض شبهات حول العقيدة منذ فترة، ومنذ ذلك الوقت بدأت أبحث عن ردود لها، ومنها ما وجدت إجابات لها بالفعل، ولكن منها شبهات لا أجد لها ردًا شافيًا حتى الآن، وبسبب ذلك وبعض المشاكل الأخرى أصبت مؤخرًا ببعض التعب النفسي، فهل لي أن أذهب إلى طبيب نفسي وأكلمه عن مشاكلي، ومن ضمنها تلك المشكلة حول التشكيك في الدين، أم أنني بذلك أتحدث بالكفر، فأكون كافرًا أو أفعل ذنبًا كبيرًا؟ وهل عندما أعترف بأن لدي شكوكًا في العقيدة عند طرح سؤال مثلما أفعل الآن حتى لو كنتم لا تعرفوني أكون أيضًا أذنبت بذلك؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب.
أولاً: نشكر لك تواصلك معنا – أيها الحبيب – وحرصك على سلامة دينك، ونسأل الله تعالى أن يصرف عنك مكايد الشيطان وشروره.

وبخصوص ما سألت – أيها الحبيب – فإن وجود الوسوسة في الصدر ما دام الإنسان يكرهها ويستقبحها فإنها لا تضرُّه، وإخباره أيضًا عنها لمن يُعينه على إزالتها أو يُعلّمُه كيف يتعامل معها لا يضرُّه في دينه، ولا يسرُّ بذلك كافرًا، وقد جاء بعض الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبروه عمَّا يجدوه في صدورهم من الوساوس، وأخبروه أيضًا بكراهتهم لهذه الوساوس وخوفهم منها، فقال عليه الصلاة والسلام بعد أن سمع منهم هذه الأوصاف: (الحمد لله الذي ردَّ كيده إلى الوسوسة)، يعني كيد الشيطان، وأنه لم يُفلح بأن يأمرهم بالكفر، وإنما رجع أمره إلى الوسوسة، وفي بعض الروايات قال: (ذاك صريح الإيمان) يعني: جعل عليه الصلاة والسلام كراهتهم للوسوسة دليلاً على أن الإيمان موجود في قلوبهم، إذ لولا وجود هذا الإيمان لما كرهوا هذه الوساوس.

فالخلاصة – أيها الحبيب – أن خيار الناس قد تعرض لهم هذه الأحوال، ويحاول الشيطان أن يُنغص عليهم حياتهم الإيمانية بما يُورده على قلوبهم من الشكوك والوساوس، ولكن الواجب على الإنسان في هذه الحالة أن يستعيذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم، وأن يكره هذه الوسوسة، وينبغي له أن ينصرف عنها ويشتغل بغيرها، فلا يتجاوب معها، ولا يبحث عن إجابات لأسئلتها، فإذا فعل ذلك فإنها تزول عنه وتذهب بإذن الله تعالى.

وهذا هو الدواء النبوي الذي أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم من ابتُلي بشيءٍ من هذه الوساوس، فقال: (فليستعذ بالله ولينته). وأكثرْ من ذكر الله تعالى.

وهذه الوساوس – أيها الحبيب – هي أتفه من أن تستحق كل هذا الهمّ والغمّ، فإن الأدلة الدّالة على وجود الله تعالى وعلى قدرته وإحكامه وتفرُّده للخلق أكثر من أن تُعدُّ وتُحصى، وفي نفسك أنت ما لا يُحصيه إلَّا الله تعالى من الأدلة الدّالة على هذا الخالق العظيم سبحانه، ولذلك قال سبحانه وتعالى: {وفي أنفسكم أفلا تُبصرون}، وقال: {أم خُلقوا من غير شيءٍ أم هم الخالقون}، فالقرآن يُغذي القلب بالعقائد الصحيحة ويُقيم عليها البراهين الساطعة.

فنصيحتُنا لك أن تُكثر من قراءة القرآن بتأمُّلٍ وتدبُّرٍ، وفيه ما يُغنيك ويكفيك لغرس الإيمان في قلبك، مع التفكُّر في مخلوقات الله تعالى، وحينها ستصل إلى السؤال الذي يطرحه القرآن عليك: {أفي الله شكٌّ فاطر السماوات والأرض}، حينها ستوقن يقينًا جازمًا لا شكّ فيه ولا ريب أن قضية الإيمان بالله تعالى في غاية الوضوح والظهور والبروز، بحيث لا يمكن أن يتردّد فيها عاقلٌ أو مُنصف.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإيّاك الإيمان الصادق والعمل الصالح.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً