الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفكر في الانعزال عن والدي بسبب كثرة المشاكل والأذى الذي يصيبني!

السؤال

السلام عليكم.

ما حكم الابتعاد عن الأهل والانعزال عنهم وخاصة الأب والأم بسبب عدم التفاعل، وكثرة المشاكل، وعدم التفاهم، وكثرة الأذى الذي يصيبني منهم، أذى نفسي بالنسبة لي، ولكن لا أعصيهم في أي أمر، أنفذ ما أستطيع مما يأمرون به، وأحيانا يتحول لاستغلال لي، فهل أنا آثم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ عبدالرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يرزقك برَّ والديك، وأن يُصلح لنا ولكم الأحوال.

لا شك أن القُرب من الوالدين مكسب كبير، والصبر عليهم لونٌ من ألوان البرِّ العظيمة، وإذا لم يصبر الإنسان على أبيه وأمِّه فعلى مَن يكون الصبر؟

ومهما كانت المشاكل التي تحصل فإن وجود الوالدين نعمة في حياة الإنسان، أجل هي نعمة لا يعرفها إلَّا مَن فقد والديه، فهما أبوابٌ إلى جنَّة الله تبارك وتعالى، فاجتهدْ في إرضائهما، واحتسب كل أذى وصعوبة تُقابلك في سبيل البرِّ بهما، ولا تُشعرهم أنك متضايق منهم.

ونحن سعداء لأنك لا تعصيهم في أمرٍ -ولله الحمد-، بل ينبغي أن تُبادر بتنفيذ طلباتهم والسعي في إرضائهم وملاطفتهم بالكلام، ولا تشعر أنهم يستغلّونك، لأن الإنسان إذا لم يخدم والديه ويتفانى في خدمتهم؛ فمن سيخدم في هذه الحياة؟!

لستَ آثمًا بهذه المشاعر إلَّا إذا ظهرتْ، إلَّا إذا عبّرت عنها بتأفُّفٍ، لأن الله قال: {ولا تقل لهما أُفٍّ ولا تنهرهما}، لكن ما دمت تكتم هذا الضيق فلا شيء عليك، لكن نريد أن يزول تمامًا، وممَّا يُساعدك على زوال هذا الضيق الذي في نفسك: أن تتذكّر الثواب والأجر الذي ينتظرُك عند الله، بل إن برَّ الوالدين مفتاح لسعادة الدنيا وسعادة الآخرة.

ونحن لا نُؤيد ما يحصل من الوالدين، وقد يُبتلى الإنسان بوالد أو بوالدة فيه صعوبة وفيه عصبية – أو كذا – ولكن المقابل لذلك أن يصبر، وينتظره مزيد من الأجر والثواب عند الله تبارك وتعالى، فنسأل الله أن يُعينك على الاستمرار على البر.

وإذا قمت بما عليك من البر والإحسان والوفاء والخدمة، وبعد ذلك لم يرض الوالد أو لم ترض الوالدة؛ فلا شيء عليك من الناحية الشرعية، وربنا العظيم بعد آيات البرّ في سورة الإسراء {وقضى ربك ألَّا تعبدوا إلَّا إياه وبالوالدين إحسانًا} قال في نهايتها: {ربكم أعلم بما في نفوسكم} يعني: أعلم بما في نفوسكم من البر والرغبة في الخير والحرص على الإحسان إلى والديه، قال: {إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوّابين غفورًا}، قال العلماء: في هذا -أي قالوا في هذه الآية- عزاءٌ لمن يقوم بما عليه كاملاً تجاه والديه ومع ذلك لا يرضى الوالد أو لا ترضى الوالدة، ولأن البر عبادة لله فالمهم أن تفعل ما يُرضي الله.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقك برّ والديك في حياتهم وبعد الممات، وأن يُعينك على الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً