الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وسواس الموت يلاحقني بشكل هستيري أرجوكم ساعدوني!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إخوتي أشكركم أولاً على مجهودكم الذي تقدمونه لنا.

أنا شاب أعاني بشكل هستيري من وسواس الموت، وتلاحقني الأعراض الآتية: ضيق في الصدر، عدم القدرة على أخذ وقت كافٍ من النوم بسبب التفكير في الوسواس، ولا أشعر بمتعة بالأشياء التي كنت أستمتع بها، شعور بدوخة وإغماء ولكن لا يغمى علي، فقط تعرق مع دقات قلب قوية، أصبحت أتجنب صلاة الجمعة وكل شيء -والعياذ بالله- أشعر أنني لست أنا!

أرجوكم ساعدوني وأفيدوني؛ لأنني تعبت، وأصبحت أتجنب الجلوس مع الأصدقاء لكي لا أفسد جلستهم من كثرة الشكوى مما أشعر به.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mahmoud حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على الثقة في إسلام ويب.

التغيرات النفسية الكثيرة التي تحدثت عنها تأتي في نطاق ما يُسمَّى بالعُصاب، وكما تفضلتَ هنالك وساوس حول الموت وضيقٌ في الصدر، واضطراب في النوم، واضطراب في التفكير، والطابع الوسواسي الهستيري، كما أنك قد افتقدت الشعور بمتعة الحياة، وهذا كله يدلُّ على وجود عصابية زائدة، وربما تكون مصحوبة بشيء من الاكتئاب البسيط أو ما يُسمَّى بعسر المزاج.

هذه الحالات تكون مرتبطة غالبًا بأسباب -وإن لم توجد أسباب المرحلة التطورية التي تمرُّ بها- تكون هي السبب، هنالك تغيرات هرمونية كثيرة، (تغيرات نفسية، وتغيرات وجدانية، وتغيرات بيولوجية)، الإنسان يكون على مستوى العقل الباطني مشغولاً بأشياء كثيرة (مشاكل الانتماء، مشاكل الهوية، الخوف من المستقبل) هذه كلها قد تؤدي إلى شيء من عدم الاستقرار النفسي.

الحالة نعتبرها -إن شاء الله- حالة عابرة، ويا حبذا لو ذهبت إلى الطبيب -طبيب الأسرة مثلاً- ليقوم بتقييم حالتك، وتجري الفحوصات الطبية الرئيسية. الهدف من ذلك هو أن نتأكد من وظائف الأعضاء، وإن كنت أرى أنها -إن شاء الله- سليمة، لكن القاعدة الطبية الرصينة تقول: إنه لا بد أن يكون هنالك فحص عضوي.

بعد أن تتأكد من سلامتك العضوية، بعد ذلك يمكن أن يصف لك الطبيب أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف الوسواسي والمُحسّنة للمزاج، وأفضل دواء يُعطى في حالتك هو العقار الذي يُسمَّى (اسيتالوبرام)، لكن ربما يختار لك الطبيب دواء آخر.

بجانب الفحص والعلاج الدوائي أنت تحتاج أن تنظم وقتك وتدير وقتك بصورة صحيحة، وأن تتجنب السهر، هذا مهمٌّ جدًّا، وأن تحقّر الفكر الوسواسي، ولا تلتفت له أبدًا، تتجاهله، وتصرف انتباهك عنه تمامًا، تمارس الرياضة، وكذلك التمارين الاسترخائية (تمارين التنفس المتدرجة على وجه الخصوص) هي تمارين فاعلة وممتازة جدًّا.

لا تتجنب الصلاة، فالصلاة هي عماد الدين، وهي أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة، والرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يقول لبلال: (أرحنا بها يا بلال) وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: (وجعلت قُرة عيني في الصلاة) ووصى بها عند احتضاره: (الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم)، ويقول: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، فلا تحرم نفسك من هذه النعمة العظيمة، فكّر في مستقبلك بصورة إيجابية، وكما ذكرت لك أحسن إدارة وقتك، وحدد أهدافك، وضع الآليات التي توصلك إلى أهدافك، هذه كلها تصرف عنك إن شاء الله تعالى هذه الأعراض التي تعاني منها، بجانب تناول الدواء والتطبيقات والإرشادات التي ذكرناها لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً