الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحاجة إلى تجديد الإيمان

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أنا سيدة متزوجة وأعمل، مشكلتي أني أشعر بحالة من الملل في عملي وعبادتي وأشعر أني في حاجة إلى تجديد إيماني حتى أستحضر خشوعي أثناء العبادة مع العلم أني حاولت مراراً وتكرارا أن يخشع قلبي دون جدوى.

أرجو إفادتي سريعاً، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هند .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نسأل الله العظيم أن يرزقنا الخشوع، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

هذا شعورٌ إيجابي وطيب ولله الحمد، وهو دليل على حرصك على الخير، فاستعيني بالله، واجتهدي في استحضار الخشوع، وابتعدي عن المعاصي، وتوجهي إلى من يعلم السر وأخفى، واسألي مقلب القلوب أن يثبت قلوبنا على طاعته، وكرري المحاولات دون يأس أو ملل، ولابد لمكثر الطرق للأبواب أن يلِجَا.

واعلمي أن الشيطان عدونا إذا عجز عن صدنا عن الطاعات يأتي للمسلم من أبواب أخرى؛ من أجل أن يحرمه من ثمرة العبادة ومن حلاوتها، لكننا بالمجاهدة ومعرفة مكائد هذا العدو، وبالفقه في الدين بعد اللجوء إلى الله نأمن من شرور هذا العدو الخبيث.

والمسلم يطرد الملل بتلاوة القرآن والمواظبة على ذكر الله، وخاصةً أذكار الصباح والمساء، وفعل الخيرات، واحرصي على مجالسة الصالحات، واشغلي نفسك بما يفيد أسرتك وأهلك .

وهناك أمورٌ تساعد الإنسان على الخشوع في العبادة وخاصة الصلاة، وقد مدح الله عباده المؤمنين فقال: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون:1-2].
ويمكننا الإشارة لبعض أسباب الخشوع وهي كما يلي:

1- استحضار عظمة من نقف بين يديه، وعجيب هذا الإنسان فإنه إذا وقف بين يدي مسئول ضعيف ينتبه ولا يلتفت، فإذا علم المسلم أنه يقف بين يدي الذي يعلم السر وأخفى فهو يعينه على الخشوع.

2- أن يبكر المسلم في الاستعداد للصلاة، ويشغل نفسه قبلها بالذكر وتلاوة القرآن؛ لأنه في هذه الحالة ينتقل من طاعةٍ إلى مثلها، وخاصة النوافل والسنن الراتبة قبل الصلاة.

3- أن يأتي لمكان الصلاة بسكينة ووقار، والسكينة هي الهدوء، والوقار هو ترك الالتفات يمنة أو يسرة؛ لأن الإنسان إذا التفت شاهد أشياء يذكره بها الشيطان عند دخوله في الصلاة.

4- أن لا يكون في موضع الصلاة تصاوير أو ستائر مزركشة؛ لأنها تشغل المصلي كما قال صلى الله عليه وسلم: ((فإنها ألهتني عن صلاتي آنفاً))، وأمر بها فهتكت.

5- أن يتدبر الإنسان معاني الآيات التي يتلوها، ويشغل نفسه بالأذكار، ولا يجعل في صلاته سكوت، فالصلاة كلها قرآن وأذكار.

6- إذا كان الإنسان جائعاً أو يحتاج لدخول دورة المياه، فعليه أن يقضي حاجته قبل الدخول في العبادة، فإنه لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان، ويقاس على ذلك الأشياء الملحة التي تشغل بال الإنسان.

7- أن يختار لصلاته مكانا معتدلا من حيث الحرارة والبرودة .

8- أن يتذكر الإنسان أن هذه الصلاة ربما كانت الفرصة الأخيرة والصلاة الأخيرة، وهذا يجعل الإنسان يستحضر الخشوع .

9- أن نحرص على صلاة الجماعة في المسجد، أو تحرص المرأة على أن تصلي مع بناتها، ويمكن لزوجها بعد أن يصلي في المسجد أن يصلي مع زوجته فتكون الصلاة له نافلة ولها فريضة .

10- التوجه إلى الله أن يصرف كيد الشيطان، وقد جاء صحابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو من تخليط الشيطان عليه فأمره صلى الله عليه وسلم بأن يتعوذ بالله من الشيطان، فتعوذ بالله فلم يأته الشيطان بعدها أبداً، والاستعاذة ليس مجرد كلمات لكنها استحضار لعظمة من نلوذ به سبحانه، وتذكر لحقارة الشيطان وضعف كيده.

11- الرغبة الأكيدة في استحضار الخشوع، والإنسان إذا عزم على شيء وصل إليه بإذن الله .

فنرجو مواصلة المجاهدة والمصابرة.

وأبشري يا أختي الكريمة بثواب الخشوع وبأجر المجاهدة لهذا العدو، ورحم الله ابن القيم عندما قال عن المصلي الذي يجتهد في مدافعة هذا العدو ليخشع في صلاته: (هذا في جهاد وصلاة) واعلمي أن بعض السلف جاهد نفسه عشرين عاماً ثم وجد حلاوة العبادة بعد ذلك، والمؤمن لا ييأس ويواصل عمل الخير والاجتهاد وهو مأجور على قدر نيته وعمله.

نسأل الله العظيم أن يشغلنا بطاعته، ويعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً