الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سرعة الغضب وفقدان الثقة بالنفس وعلاقته بالقلق

السؤال

أعاني من فقدان للثقة بالنفس، حتى أنني أشعر بأني قد فقدت قدراتي في الحديث مع الآخرين والتجاوب معهم! وأقضي الكثير من الأيام أبكي بعد أن أغلق باب حجرتي وأضع وسادة علي فمي؛ حتى لا تشعر بي أسرتي! وفي بعض الأحيان أظل أضرب في الأشياء من حولي أيضاً، دون أن يشعر بي أحد.

لقد فقدت التركيز، وأصبحت كثيرة النسيان كالعجزة وكبار السن، وأصبحت أيضاً سريعة الغضب، أشعر أن نفسي حبيسة بداخلي تريد الانطلاق ولكنها تفشل في ذلك تماما! ففي الصغر كنت شديدة الثقة بنفسي، وكان ذكائي ملحوظا، إلا أنني الآن أشعر أني أصبحت مجردة من الذكاء.

كانت لي شخصية جذابة، ولكني الآن أفتقر إلى التوافق مع الآخرين وكأنني في غربة ذاتية! أرجو أن تفيدوني، حيث إن العام الدراسي أوشك علي البدء، وأنا في أمس الحاجة لأن أكون ناجحة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ رانيا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقدان الثقة بالنفس دائماً يأتي من أن الإنسان لا يقيم نفسه بالصورة الصحيحة، أو لا يعطيها القيمة الحقيقية لها، أو أنه يقلل أو يحقر من الذات، ومن هنا أدعوك وبكل صدق وقوة أن تعيدي تقييم ذاتك، هذا أمر مهم جدّاً، أنت أفضل مما تتصورين الآن، أنت لديك القدرة على عمل أشياء كثيرة، أرجو أن تجربي عمل الأشياء، لا تتركي للهواجس السلبية المجال لأن تسيطر عليك وتمنعك أو تقف حاجزاً بينك وبين الإنجاز، الإنجاز هو الغاية التي لابد أن نصل إليها ووسيلتها هي الدافعية والتوكل والإصرار.

الإنسان يمكن أن يصل إلى غاياته ما دامت هي معقولة، إذا أصر على ذلك، فأنت عليك أن تصري أن تصلي إلى غاياتك.

لاحظت من رسالتك أنك أيضاً لديك الكثير من إشارات أو علامات أو سمات القلق، وربما هو نوع من القلق الهستيري، بالرغم من أني لا أحب أن أستعمل هذه الكلمة، ولكنها حقيقة علمية!

إذن عليك أن تفرغي ما في داخلك، عليك أن تعبري عما في ذاتك، عن كل ما لا يرضيك خاصة في نطاق الأسرة، عبري عن نفسك في حدود الذوق والأدب؛ وذلك لتبتعدي من أي احتقانات نفسية داخلية.

أنت والحمد لله في مقتبل العمر وأمامك الكثير للقيام به، أمامك الدراسة، أمامك التحصيل العلمي، أمامك مساعدة الوالدين، أمور كثيرة جدّاً يمكن أن تعيد لك ثقتك في نفسك.

الناس تفقد الثقة في نفسها لأنها تعيش في فراغ مع الذات، الإنسان يفتقد نفسه، وحين يفتقد نفسه يفتقد الثقة في نفسه، وكما ذكرت لك الفعالية مطلوبة، وهي وسيلة لأن يصل الإنسان إلى كل أهدافه.

لا شك أن افتقاد التوافق مع الآخرين وسرعة الغضب، وكما ذكرت لك كل ما تقومين به هو في الواقع مرتبط بالقلق، والقلق هو طاقة نفسية مطلوبة ولكنه حين يزداد يؤدي إلى هذه المشاكل.

بالنسبة للغضب أرجو أن تفرغي عن نفسك أيضاً، وحين يأتيك نوبة من القلق اسمعي صوتك لنفسك، وقولي: لماذا أغضب؟ هذا الأمر لا يستحق ذلك، هذا الأمر لا يستحق هذا الانفعال، قولي ذلك لنفسك، ثم غيري مكانك، ثم توضئي، ثم صلي ركعتين، هذه إن شاء الله كلها مزيلة للقلق.

خذي نفساً عميقاً وبطيئا، أيضاً إن شاء الله هذا يؤدي إلى امتصاص هذه الفوران النفسي والانفعالات الداخلية الطائشة سوف تنتهي بإذن الله تعالى.

أيتها الابنة الفاضلة: أرى أنك أيضاً في حاجة لدواء بسيط جدّاً لإزالة هذا القلق الداخلي، وهنالك عقار يعرف باسم تفرانيل، أرجو أن تتناوليه بجرعة 25 مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقفي عنه، هو دواء جيد وليس إدمانياً ويساعد كثيراً.

ستستفيدين أيضاً كثيراً من ممارسة الرياضة، أي نوع من الرياضة الداخلية التي تناسب البنات، سوف تساعدك كثيراً، أنا على ثقة كاملة أنك على تمسك بدينك إن شاء الله، فعليك بالدعاء، وعليك بالمحافظة على وردك القرآني وصلواتك، كلها إن شاء الله مذهبة للغضب وتعيد للإنسان ثقته في نفسه لأنه يشعر بكينونته إن شاء الله تعالى.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً