الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف للمسلم أن يحفظ دينه وعرضه من فتن هذا الزمان؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سؤالي ربما يهم شريحة كبيرة من الشباب في هذا ا لزمن، حيث أحاطت بنا الفتن من كل مكان في عصر النت والشات والفيديو كليب والاختلاط ... إلخ. كيف للمسلم أن يحفظ دينه وعرضه من هذه الفتن؟!

إنني أسأل: إني أصلي وأحافظ على النوافل معظم الأوقات، وأقرأ وأحفظ من القرآن، ولكن مع ذلك أشعر بأن هناك ضعفاً فيَّ يجعلني أخاف دوماً من السقوط في فتن هذا الزمان، وأقول: لو كانت فتن هذا الزمان - على ضعفها - قد تغريني، فكيف الحال مع فتنة المسيح الدجال والقبر ... وغير هذه الفتن التي نؤمن بوقوعها؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد أسعدتني طريقتكِ في التفكير، وأفرحني خوفكِ من العليم القدير، وأسأل الله أن يحفظك إنه الحفيظ السميع، ومرحباً بك في موقعك وبين آباء وإخوان يسعدهم أن يكون في شبابنا أمثالك، ونسأل الله أن يصلح بالك.

ولا شك أن الخوف من السقوط هي أول خطوات الحماية بعد التوجه إلى من بيده التوفيق والهداية، فهنيئاً لك بهذا الحرص، ونسأل الله أن يزيدك حرصاً وتوفيقاً، وقد صدقتِ فنحن في زمان تمر فيه الفتن كقطع الليل المظلم، ولكن الأمر كما قال الأطباء: (الجراثيم تملأ الفضاء، ولكن ما كل الناس يصاب بالمرض، وإنما يصاب بالمرض من ضعفت مناعته، ولا يسقط في هوَّة المعاصي إلا من ضعف إيمانه، والإيمان للإنسان كالمناعة للأبدان).

وأرجو أن تعلمي أن محافظتك على الصلاة والتلاوة والنوافل من أهم ما يعصم المسلمة بحول الله وقوته من السقوط، كما أن المداومة على ذكر الله ومراقبته يمنع الإنسان من الانحراف إلى الهاوية، بالإضافة إلى الاهتمام بالرفقة فإن الإنسان يتأثر بمن حوله سلباً وإيجاباً، والمؤمنة تُدرك أن الشيطان يستدرج ضحاياه ويقودهم إلى الهلاك خطوة خطوة، ولذلك جاء النهي عن اتباع خطوات الشيطان: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ))[النور:21]، وعن ضرورة اتخاذه عدواً: ((إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا))[فاطر:6].

ولا يخفى على أمثالك أن في حفظ الجوارح صيانة للإنسان وخاصة حاسة الإبصار، فمعظم فتن الزمان تُرى بالعين، والنظر سهم مسموم يُتلف القلب، كما أن السهم المسموم يتلف البدن، ولا سبيل إلى تزكية النفس وسعادتها إلا بحفظ الجوارح، وقد وعد رسولنا صلى الله عليه وسلم من حفظ الله بالحفظ، فقال صلى الله عليه وسلم في وصيته لابن عباس: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك...)، احفظ الله بطاعته والالتزام بأمره ونهيه يحفظك من كل سوء وبلاء.

وقد قال الله عن نبيه يوسف عليه الصلاة والسلام: ((كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ))[يوسف:24]، ولا يكون الإنسان مخلَصاً (بفتح اللام) حتى يكون مخلصاً (بالكسر)، فتأملي كيف عصم الله يوسف بصدق الإخلاص والمراقبة لله.

ولا شك أن فتنة المسيح الدجال من أعظم الفتن، ولذلك جاء التحذير من السقوط فيها على ألسنة الأنبياء والرسل، ولكن فتنة الدجال تنطلي على الغافلين، ويكشف خديعته رجل من الموحدين، وإنما ينجو الإنسان من الفتن بتوجهه إلى الله وبصدق توحيده وإيمانه، فلنغرس شجرة الإيمان في بيوتنا وقلوبنا، ونعوِّد ألسنتا ذكر الله وشكره وملازمة الاستغفار والإنابة للواحد القهار.

ونسأل الله أن يوفقك ويسدد خطاك.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً