الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفكر في خلع النقاب، فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله كل الخير عما تقدمونه للإسلام والمسلمين، وأسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم.

أرجو أن يتسع صدركم لي، وخصوصاً أني أعرف أنه ربما أصابكم الغضب مني لما سأقوله، ولكن يعلم الله أنني في حيرة وهم، وأرجو أن أجد عندكم الإجابة.

أنا فتاة لم أكن ملتزمة تماماً، ومن الله على بالالتزام ولله الحمد والمنة، وتغيرت حياتي تماماً وكنت أحاول جاهدة التقرب إلى الله، تركت مشاهدة الأفلام وسماع الأغاني، وبدأت أطلب العلم الشرعي، وعدلت لبسي فأصبح حجاباً واسعاً، ولكن ليس نقاباً، وكنت سعيدة بذلك، وبعدها مرت بي مشكلة عصيبة تقربت فيها لله بشكل قوي، كما لم أتقرب من قبل.

وبعدها قررت أن ألبس النقاب! المشكلة الآن أنني أرتديه منذ شهرين تقريباً، وأنا مقتنعة أنه فضل، ولكني لا أستطيع تحمله.

وللأسف تأتيني فكرة خلعه باستمرار، أنا لم أشعر كما كنت أسمع بشعور العزة والفرح، وهذا يؤلمني جداً ويشعرني أني لم أرتديه إلا لأني كنت في مشكلة. مع أني والله تحريت الإخلاص كثيراً قبل ارتدائه، أنا الآن في هم وغم وعلاقتي بربي أصبحت أقل كثيراً من قبل ارتدائه، وعيني تؤلمني منه، ولا أحبه تماماً.

أرجوكم سامحوني لهذا القول، ولكن أشعر أني متضررة منه، وأشعر أني أصبحت الآن شكلاً بلا محتوى.

هل أنا آثمة إن خلعته؟ وهل سينتقم مني ربي أم أن هذا سوء ظن مني في الله؟

أنا تعبت، والله لا أعرف ماذا أفعل، أريد خلعه، ولكن في الوقت ذاته لا أستطيع، وأخاف الله، وأيضاً لا أستطيع العبادة بالشكل الذي يرضيني من سوء نفسيتي.
فماذا أفعل؟
أفيدوني أفادكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فنحن سعداء بمراسلتك أيتها الأخت الكريمة، ومن دواعي السرور لدينا أن تطرحي مشكلتك كلها، وتصرحين بكل ما يدور في نفسك لنساعدك على إزالة ما يكدر عليك صفو حياتك - بإذن الله تعالى – فمرحباً بك في موقعك بين آباء لك، وإخوان يُسْدون لك النصح وسديد الرأي -إن شاء الله-.

ولقد فرحنا كثيراً أيتها الأخت الفاضلة حين قرأنا ما كتبت عن التزامك، وما منَّ الله به عليك من الحجاب والتزامك لشرع ربك، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدايةً ونوراً، فأكثري من شكر الله تعالى على هدايته، فإن بالشكر تزيد النعم وتنمو.

وأنت -أيتها الكريمة- بالتزامك للنقاب تكونين قد قطعت شوطاً عظيماً في التدين والالتزام، وليس صحيحاً أنك شكل بلا محتوى، بل أنت شيء كبير، فإنك حققت شيئاً كبيراً لم تستطع كثير من النساء الصبر على تحقيقه.

فلا تستجيبي لإيحاء الشيطان إليك ببغض النقاب، ومحاولة خلعه والتراجع عن هذا العمل العظيم الذي قمت بتحقيقه، وكوني على يقين بأن الشيطان حريص على أن يصدك عن طريق الهداية، ومن ذلك ارتداؤك للنقاب، فيحاول أن يكرهه إليك بشتى الوسائل والصور، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان قعد لابن آدم بطرائقه كلها، فقعد له بطريق الإسلام فقال: تسلم وتدع دينك ودين آبائك؟ ثم قعد له بطريق الهجرة فقال: تهاجر وتدع مولدك؟ ثم قعد له بطريق الجهاد فقال: تجاهد فتقتل فتُزوّج امرأتك ويقسم مالك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمن فعل ذلك ضمن الله له الجنة) رواه الطبراني وغيره.

ونذكرك -أيتها الأخت الكريمة- أن الصبر على القيام بأمر الله عاقبته الجنة، وأن الدنيا عن قريب ستغادرينها وتجدين ثوابك وجزاءك عند الله موفوراً، واعلمي أن لبسك للنقاب من أسباب القرب من الله تعالى؛ لأنه طاعة وليس العكس، فاحذري من تلبيس الشيطان.

ونظن أن ما تشتكينه من أثر النقاب على عينك أمر يحاول الشيطان تضخيمه وتكبيره، وإلا فإن كان حقّاً فإن بإمكانك أن تكشفي عن عينيك مع سترك لباقي وجهك.
نسأل الله تعالى أن يعينك على طاعته ويثبتك عليها.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً