الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التعامل مع زوج ترك زوجته دون نفقة وسافر ولم يرجع، أو يحدد مدة لغيابه؟

السؤال

زوجي لم يف بأي من أساسيات الزواج وشروطه بحجة أنه لم يكتب بالعقد، ولذلك لم يفتح لي بيتاً إلى الآن ولا ينفق علي، وقد عشت معه 20 يوماً ثم سافر لبلده على أن يعود خلال شهرين ويستقر في بلدي، وتغير خلال سفره في معاملته لي وحضر بعدها عندي لمدة شهر حصل فيه مشاكل لغضبه الشديد لسؤالي له: أين سنسكن؟ ماذا سنفعل؟ كيف نعيش مادياً؟ إلخ فهو يغضب لأي سؤال مهما كان مهماً أو تافهاً، لدرجة أنه سافر بعد هذا الشهر دون أن أعلم بموعد سفره ألا قبل ساعتين منه.

ومن يومها لم يعد واتصل في بداية سفره بعض المكالمات القليلة ثم قطعني منها، والآن أصبح لي 10 شهور متزوجة ومعلقة لا أعلم أين هو؟ ولم يقم بأي واجب تجاهي فذهبت للمحكمة للطلاق الذي دفعني هو له وموافق عليه، فحكمت المحكمة برد الدعوى لأن غيابه من آخر وجود له 5 شهور وليس سنة، وقد نسوا أنه لا ينفق وغير متواجد، ويتجاهل أنه له زوجة، بل إن الضرر النفسي والاجتماعي الذي وقع علي هو أكبر من هذا كله، غير أني تزوجت لأصون نفسي، وليرزقني الله الأولاد حيث أنني لست بالصغيرة، ولكنني الآن أتعذب من هذا كله، وجدت نفسي معلقة لا زوج ولا ولد مما أثر حتى على عبادتي، فأرجوكم أرشدوني ماذا أرد على من يسألني وماذا أفعل لأصون نفسي الثائرة والمظلومة؟

أرشدوني وأنقذوني من العذاب علماً بأنني اختصرت لكم معاناتي جداً حتى لا أطيل عليكم، إنني أتعذب لا شرع ولا دين ولا محكمة ولا أفراد يستطيع حل مشكلتي، فهل لديكم حل يريحني؟

بارك الله فيكم.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ السائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بدايةً يسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا وتواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، فاتصلي بنا ولا تترددي، فهذا الموقع ما أُنشئ إلا لخدمتك وخدمة جميع المسلمين، ونحن هنا جميعاً بالموقع في خدمتك في أي وقت، إلا أنه ساءنا جداً من أخت لنا في الله عبارة (إنني أتعذب لا شرع ولا دين ولا محكمة ولا أفراد يستطيع حل مشكلتي) هذه العبارة في غاية الخطورة، وتحتاج منك إلى توبة نصوح لأنها أخطر ألف مرة ومرة مما صنعه بك هذا الرجل، ثم سؤال بسيط: ألسنا نحن بالموقع نخدمك باسم الشرع؟ ألم تفكري في هذا؟ أنسيت أن هذا الموقع موقع إسلامي يقدم خدماته للكل خدمةً للدين فقط؟ أنا أرى بأن العبارة قاسيةٌ جداً، خاصةً فيما يتعلق بالدين؛ لأن الدين أساساً ما أنزله الله وأمر به إلا لمصالح العباد، وهذا الإسلام العظيم صالح لكل إنسان في كان زمان وفي أي مكان، فأكرر أختي الفاضلة ضرورة توبتك من هذه العبارات الشديدة الخاصة بالشرع والدين، وكذلك المحكمة ما ذنبها إذا كنت أنت لم تتقدمي في دعواك بطلب حقك المالي من صداق ومهر ونفقة، أرى أن تراجعي نفسك في هذا كله وأن تتفاءلي، وعما قريبٍ سيجعل الله لك فرجاً ومخرجاً، والآن نعود للإجابة والمساعدة في حل المشكلة.

لي سؤال واحد: لماذا لم تكتبي أساسيات الزواج في العقد؟ أليس هذا من حقك؟ ولماذا رضيت أن تكوني أقل من النساء؟ أليس هذا ما يثير العجب والدهشة من سيدة فاضلة مثقفة واعية مثلك؟ ما ذنب الدين والشرع هنا إذا كنت أنت التي فرطت في حقك وضيعت حقوقك؟
هذه هي أساس المشكلة، ولكن بما أنك رضيت بهذا الوضع الغير طبيعي دعيني أسألك مرةً ثانية فأقول: هل اخترت هذا الزوج على أساس الشرع الذي قال: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه)؟ هل زوجك من أصحاب الدين والخلق ؟ لا أعتقد؛ لسبب واحد هو أن الرجل المتدين يستحيل أن يظلم أحداً، حتى ولو لم يكن هناك أي شيء مكتوب؛ لأنه يعلم أنه لا يجوز له شرعاً أن يتزوج امرأة وهو لا ينوي أداء صداقها وحقها؛ لأنه يكون بهذه النية زانياً ملعوناً من الله ورسوله -والعياذ بالله- مع شديد أسفي ائذني لي أن أقول : أنت التي ضيعت كل شيء وجعلت نفسك في موطن الضعف، وليس أمامك إلا واحد من اثنين:

1- إدخال أحد من الناس المحترمين أو أكثر لحل مشكلتك مع هذا الرجل بالطرق السلمية والعادات الطيبة التي جرى عليها الناس في بلاد المسلمين، وهذه الطريقة قد تكون مفيدة جداً وقادرة على حل هذه المشكلة بهدوء، حتى لو بأقل من الحقوق المقررة شرعاً، اللهم أن تنتهي هذه المشكلة إما بعودة المياه إلى مجاريها ووضع النقاط على الحروف وكتابة كل شيء بما يوافق الشرع، أو إعطاء ولو بعض الحقوق، وكل يذهب في طريقه حتى لا تظلي معلقةً بهذه الصورة المحزنة التي ذكرتيها، فحاولي البحث عن بعض أهل الخير الذين يتوسطون بينك وبين زوجك، عسى أن تحل هذه المشكلة بطريقة هادئة وبدون مشاكل جانبية وهذا أفضل.

2- إذا لم تتمكني من الحل الأول يمكنك رفع دعوى بالصداق والنفقة؛ لأن الشرع ضمن للمرأة حقها حتى لو لم يكن مكتوباً، إذ تستطيع المحكمة أن تحكم لك بكل أساسيات الزواج، بشرط أن تثبتي أنك لم تأخذي منه شيئاً؛ لأن المحكمة تتعامل بالأدلة والبراهين وليس بالعاطفة أو الدموع، فيمكنك رفع دعوى بجميع حقوقك، وستحكم لك المحكمة بها جميعاً، من أساسيات الزواج والنفقة والمتعة وتعويض الضرر إلى غير ذلك، وهذا أمر سهل جداً وليس بصعب ولا مستحيل، المهم أن تثبتي أنك لم تأخذي شيئاً من هذه الحقوق، والإثبات يكون إما بأوراق أو شهادة الشهود، وإلا فلن تنظر المحكمة في دعواك، واجعلي الدعوى حول هذه الحقوق فقط؛ حتى تقبلها المحكمة ما دام طلبك الطلاق قد رفض لعدم توافر أركان الدعوى.

وعليك أختي الكريمة بالدعاء الصادق والتوجه إلى الله لحل هذه المشاكل، وأكثري من الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وصلِ صلاة الحاجة عسى الله أن يقضي حاجتك، وابشري فإن فرج الله قريب، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات