الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التعامل مع أخ سيئ الأخلاق

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكر الله الرحيم أنه أنعم علينا بموقعكم لكي نتوجه له، ولكي تتكرموا علينا ببعض من علمكم، ويهون علينا مصاعب الدنيا إلى أن نلقى الله وهو راض عنا.

لم أكن لأتعبكم معي لولا أن موضوعي تفاقم نوعاً ما، وأنا في حيرة من أمري، والموضوع يخص أخي البالغ من العمر 15 سنة، وهو أنه في السنة الأخيرة بالذات أصبح يتصرف تصرفات لم أعد أطيقها، يأتي بأصحابه للبيت في كل وقت وحين، وأغلب الوقت ينامون عندنا! وعندما طلبت منه أن يبلغني عند الباب لكي أرتدي حجابي لم يبال، وأصبح أصدقاؤه يدخلون ويخرجون من غير أن يطرقوا الباب، بعد الكلام الهادئ معه ومع والدي تشاجرت ولم ينفع، وأبي يرى أني أبالغ وهم مجرد أطفال!

ثم وصلني خبر أنه يدخن، ورأيته بنفسي أيضاً، لكن والدي لم يحرك ساكناً، ويقول: نحن في الغرب، لن يفيد أي شيء! ويرى أنه أهم شيء أنه بعيد عن المشاكل التي تؤدي للسجن، وكل ما يقوله أنه سيتحسن بعد سنتين، وواضح أنه يئس من أنه ممكن أن يتحسن.

المشكلة العظمى هي عندما أصبحت أرى أخي يعود للبيت وهو سكران، وعندما حاولت أن أكلمه همَّ بضربي، وعندما علم أبي لم يفعل شيئاً لشربه الخمر أو تطاوله علي! فهو يشرب الخمر بنفسه في البيت!

أصبحت أتجنبه بكل الطرق لكي لايصرخ أو يشتمني، لكنه يؤلمني منظره وهو في هذا الضياع وفي طريقه للأسوء، وفي نفس الوقت لا أستطيع أن أسكت؛ لأني أشعر أني شيطان أخرس، وأنا أرى كل هذه الأخطاء حولي في البيت والله المستعان.

كيف أتعامل مع أخي؟ فأنا لم أعد أخبر أبي وأشتكي، فهو سبب كل هذا، إذ إنه أعطاه كل هذه الحرية، يعطيه النقود في أي وقت عندما يسأل، ودلعه بشتى الطرق في صغره.

أنا قررت إن شاء الله أن أخرج من البيت وانتقل؛ لأني لا أرتاح حتى في نومي، بما أنه أنا الوحيدة المحجبة في البيت وأخشى أن يدخل شخص في أي لحظة، والوضع أصبح كالجحيم، وكل الذي أفعله هو أنه أدخل غرفتي وأبكي، وأنا أرى ولا أستطيع عمل شيء.

ادعوا لي بالصبر، وادعو لأخي أن يهديه قبل أن يضيع، وجزاكم الله الجنة على صبركم ومجهودكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة المباركة / فينانة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك بين إخوانك في الله، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ويشرفنا أن نرد عليك دائماً أبداً، ونشكرك على ثقتك الغالية والتي نعتز بها، ونسأله تبارك وتعالى أن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يثبتك على الحق، وأن يحفظك من كل مكروه وسوء، وأن يهدى والدك وإخوانك جميعاً صراطه المستقيم.

وبخصوص ما ورد برسالتك؛ فكان الله في عونك وسط هذه الصحراء القاحلة من الأخلاق والقيم، وليس أمامك إلا الدعاء لنفسك بالثبات على الحق والدين، ولأخيك وأهلك جميعاً بالهداية.

وبخصوص دورك في مساعدة أخيك؛ فمما لا شك فيه أن الإنسان يتقطع قلبه أحياناً على تلك التصرفات الشاذة والانحرافات الأخلاقية، ولكن من رحمة الله أن الله لم يكلف نفساً إلا وسعها، فما علينا إلا البلاغ والنصح والتوجيه في مثل هذه الأحوال، حتى قال الله لنبيه سيد الدعاة صلى الله عليه وسلم: (( إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ ))[الشورى:48]، وقال أيضاً: (( فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى ))[الأعلى:9]، فالواجب عليك هو النصح والتذكير والدعاء، فإن استجابوا فهذه هي هداية الله، وإن أعرضوا فلقد قمتِ بواجبك الشرعي، وليس هناك شيء آخر.

وما دام الأخ بهذه الصورة، ووالدك بهذه الطريقة وتلك السلبية، فأرى أن تصبري عليهم وتكثري من الدعاء لهم، وإذا أتيحت أي فرصةٍ للدعوة والتذكير فلا تضيعيها، واستغلي جميع الفرص المتاحة؛ لأن للقلوب إقبالاً وإدباراً، وأما تركك للمنزل فلا أدري أين تذهبين خاصةً في تلك البلاد، فإذا كان هناك مكان تأمنين فيه على نفسك وعرضك ودينك أفضل من هذا المكان، فلا مانع من ترك المنزل، وإلا فلا يجوز لك ذلك، وعليك بالصبر والاجتهاد في حفظ نفسك، والدعاء أن يجعل الله لك مخرجاً، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً