الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج القلق والتوتر الناتج عن الحزن على موت بعض الأقارب

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا عمري 21 سنة، والدي توفي وأنا في سن الـ 11 علماً أمام عيني، ولم يكن بمقدوري فعل شيء له، تربيت بجوار عمي وأمي وإخوتي (ولد وبنت) وكانت حياتي مستقرة طوال السنين، إلا أنه في هذه السنة 2008 بعد وفاة عمي في البلد وبعده جدتي أم أبي وجدتي أم والدتي بت أشعر بأني مريض، أو بمعنى أصح متوهم! والله أعلم.

ففي فترة شعرت بوجع في يدي وصدري عند القلب وذهبت إلى الدكتور وعملت رسم قلب وقال لي لا توجد عندك علة، ولكني أشعر بنفس الألم وزيادة آلام في معدتي.

فهل أنا مريض نفسياً أم عضوياً؟

يا ليت تردوا علي بسرعة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونسأل الله تعالى أن يرحم موتانا وموتاكم وموتى المسلمين وأن يختم لنا بالباقيات الصالحات أعمالنا.

فإن الذي حدث لك هو نوع من الكدر ونعني بذلك أنها حالة من حالات القلق المصحوب بأعراض اكتئابية، وهذا نتج بعد وفاة أقربائك، ومن الواضح أن الرابط النفسي كان قوياً بينك وبين عمّك وجدتك –عليهما رحمة الله تعالى-.

لا شك أن التعبير عن الحزن هو أمر طبيعي وهو أمر مشروع، والبعض قد تستمر فترة الحزن معه لفترة طويلة، وربما تظهر أعراض نفسية أو أعراض عضوية، وفي بعض الحالات تكون هذه الأعراض العضوية مشابهة للأعراض التي كان يعاني منها الشخص المتوفى، وهذا نسميه بالتوحد النفسي، بمعنى أن هنالك التقاء نفسياً بين المتوفى وبين قريبه الذي على قيد الحياة.

عموماً هذا واحد من التفسيرات التي لا أريدك أن تشغل نفسك بها، والذي خلصت إليه وأود أن أوضحه لك هو أن الألم الذي تعاني منه في يدك وفي صدرك هو ألم ناتج من حالة القلق النفسي وعدم القدرة على التكيف مع الوفيات والفقد الذي حدث، والذي حدث لك بالضبط هو أن التوتر النفسي الداخلي أدى إلى انقباضات عضلية، وأكثر العضلات التي تتأثر هي عضلات اليدين وعضلات الصدر، فأؤكد لك وبصورة قاطعة - إن شاء الله تعالى – أن حالتك ليست عضوية، إنما هي حالة نفسية، وحتى في الحالات النفسية تعتبر من الحالات البسيطة جدّاً وغير المعقدة.

الذي أنصحك به هو أن تمارس أي نوع من الرياضة مثل رياضة المشي أو الجري، وأن تحاول أن تتكيف مع الحياة، فالموت هو سنة الأولين والآخرين، وعليك أن تدعو بالرحمة لموتاك، وحاول أن تكون ثقتك بنفسك وبمقدراتك أقوى، وأنصحك أيضاً بالتواصل الاجتماعي والحرص على العبادات، أد صلواتك في المسجد، حاول أن تحضر المحاضرات والدروس المفيدة، وحاول أن تركز على دراستك إذا كنت ما زلت في مرحلة الدراسة، وركز على العمل إذا كنت في محيط العمل.

لا تنظر إلى الماضي بسلبية، نعم توفي والدك وأنت في سن صغيرة ونسأل الله تعالى أن يرحمه، وفقدك لوالدك في هذه السن يجب أن يكون دافعاً لك لأن تكون ناجحاً وفعّالاً في حياتك وتثبت ذاتك.

بقي أن أصف لك أحد الأدوية البسيطة والمعروف عنها أنها تزيل - إن شاء الله تعالى – هذا القلق وهذه الآلام التي تعاني منها في اليد وفي منطقة الصدر، الدواء يعرف تجارياً وعلمياً باسم (موتيفال Motival)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، وهذه في نظري مدة كافية جدّاً، والدواء من الأدوية السليمة والمريحة جدّاً.

أنصحك أيضاً بأن تدرب نفسك على تمارين التنفس، وهذه التمارين هي جزء مما نسميه بتمارين الاسترخاء، فهي تفيد أيضاً في إطلاق واسترخاء العضلات وإزالة - إن شاء الله تعالى – هذه الانقباضات والتقلصات والتوترات في عضلات الصدر.

لتطبيق هذا التمرين أجلس على كرسي مريح في مكان هادئ، وبعد ذلك قم بأخذ نفس عميق وبطيء حتى يمتلئ صدرك بالهواء وحتى ترتفع البطن قليلاً، أمسك على الهواء في صدرك لفترة قصيرة، وبعد ذلك أخرج الهواء عن طريق الفم، ويجب أن يكون إخراج الهواء بقوة وبطء.

كرر هذا التمرين أربع إلى خمس مرات في كل جلسة صباحاً ومساءً، وسوف تجد فيه - إن شاء الله تعالى – فائدة كبيرة خاصة بعد أن تتناول الدواء الذي وصفته لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وأسأل الله لك الشفاء والعافية، والرحمة لموتى المسلمين جميعاً، وأسأل الله لك الصبر.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً