السؤال
ذهبت لحضور عرس إحدى قريباتي من باب صلة الرحم، ولكن العرس للأسف كان مختلطا، النساء مع الرجال فهل أنا آثم؟
ذهبت لحضور عرس إحدى قريباتي من باب صلة الرحم، ولكن العرس للأسف كان مختلطا، النساء مع الرجال فهل أنا آثم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن دعي إلى وليمة مشتملة على منكر من المنكرات فلا يخلو الأمر من أحوال:
الأولى: أن يعلم قبل ذهابه أن ثم منكراً في الوليمة وكان قادراً على تغييره، فهذا يلبي الدعوة ويغير المنكر، قال صاحب الزاد ممزوجاً بشرحه الروض: وإن علم المدعو أن ثم أي في الوليمة منكراً كزمر، وخمر، وآلات لهو، وفرش حرير ونحوها، فإن كان يقدر على تغييره حضر وغير؛ لأنه يؤدي بذلك فرضين إجابة الدعوة، وإزالة المنكر.. انتهى.
الثانية: أن يعلم أن ثم منكراً قبل ذهابه وعلم من نفسه عدم المقدرة على تغييره، فهذا يحرم عليه تلبية الدعوة وحضورها للأدلة الدالة على عدم جواز حضور أماكن المعصية وشهودها ووجوب مفارقتها. قال في الروض تتميماً للكلام السابق: وإلا يقدر على تغييره أبى الحضور، لحديث عمر مرفوعاً: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر. رواه الترمذي.. انتهى.
وقال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ. فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم... فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء، وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها، فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية. انتهى.
الثالثة: أن يحضر من غير علم بوجود منكر ثم يعلم به بعد حضوره، فيجب عليه الإنكار حينئذ، فإن زال المنكر جلس وإن لم يزل انصرف، قال في الروض: وإن حضر من غير علم بالمنكر ثم علم به، أزاله لوجوبه عليه، ويجلس بعد ذلك فإن دام المنكر لعجزه أي المدعو عنه انصرف لئلا يكون قاصداً لرؤيته وسماعه.
الرابعة: أن يعلم بوجود منكر ولكنه لا يراه ولا يسمعه فهو مخير حينئذ بين البقاء وبين الانصراف، قال في الروض: وإن علم المدعو به أي بالمنكر ولم يره، ولم يسمعه خير بين الجلوس والأكل والانصراف لعدم وجوب الإنكار حينئذ.
وبهذا يعلم الأخ السائل أنه كان يجب عليه الإنكار عند ذهابه للعرس وعلمه بالمنكر -الاختلاط- وأنه إن لم يزل ذلك المنكر تعين عليه الانصراف.
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 3539، والفتوى رقم: 49422.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني