الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن تكفير الكسب للذنوب قد روي فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها الصلاة ولا الصيام ولا الحج ولا العمرة، قالوا: فما يكفرها يا رسول الله؟ قال: الهموم في طلب المعيشة. رواه الطبراني في الأوسط, والديلمي في مسند الفردوس, وأبو نعيم في الحلية بألفاظ مختلفة متقاربة. وقال الألباني: إنه موضوع.
وروى الطبراني في الأوسط مرفوعا: من أمسى كالا من عمل يديه أمسى مغفورا له . قال فيه الهيثمي في مجمع الزوائد: فيه رجال لم أعرفهم. وقد ضعفه الألباني.
وأما كونه مات بداء البطن فهذا هو المبطون الذي جاء في الحديث أنه شهيد، فقد ورد في الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الشهداء خمسة: المطعون والمبطون والغريق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله.
والمراد أنهم شهداء في ثواب الآخرة لا في ترك الغسل والصلاة عليهم، قال ابن قدامة في المغني: فأما الشهيد بغير قتل كالمبطون والغريق وصاحب الهدم والنفساء فإنهم يغسلون ويصلى عليهم، لا نعلم فيه خلافا. انتهى.
وأما كونه كان لا يصلي فالصلاة شأنها خطير فهي عمود الإسلام، وأول ما سيحاسب عليه المرء من أعماله، وقد اختلف أهل العلم في حكم تاركها كسلا، فمنهم من ذهب إلى أنه كافر كفرا أكبر ومنهم من ذهب إلى أنه كافر كفرا أصغر غير مخرج عن الملة، فعلى القول بعدم كفره كفرا ينقل عن الملة فنرجو منفعة الولد الصالح له وقبول شفاعته لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له، أو علم ينتفع به. رواه مسلم.
وقد ثبت أن الله تعالى يشفع المؤمنين بعضهم في بعض ففي حديث الشفاعة الطويل : فيقول الله عز وجل شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط قد عادوا حمما فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة ....رواه مسلم.
وقال البغوي في التفسير عند قوله تعالى: آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً{ النساء:11} أي لا تعلمون أنهم أنفع لكم في الدين والدنيا فمنكم من يظن أن الأب أنفع له ، وأنا العالم بمن هو أنفع لكم ، وقد دبرت أمركم على ما فيه المصلحة فاتبعوه.
وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أطوعكم لله عز وجل من الآباء والأبناء أرفعكم درجة يوم القيامة، و الله تعالى يشفع المؤمنين بعضهم في بعض، فإن كان الوالد أرفع درجة في الجنة رفع إليه ولده وإن كان الولد أرفع درجة رفع إليه والده لتقر بذلك أعينهم. اهـ .
وأما ما يهدى له فأعظمه الدعاء والاستغفار له والتصدق والحج والعمرة إن تيسرا وذلك لما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
وفي الصحيحين أن رجلا قال: يا رسول الله، إن أمي افتلتت نفسها -أي ماتت بغتة- وأظنها لو تكلمت لتصدقت، فهل أتصدق عنها؟ قال: نعم.
و عن عبادة بن الصامت قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة. رواه الطبراني وحسنه الشيخ الألباني.
و روى مسلم في صحيحه عن أم الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها للاطلاع على أثر الموت في رمضان وحكم التفريط في الصلاة: 28530، 98124، 103984، 6061، 62008.
والله أعلم.