السؤال
أشتري من إفريقيا الألماس الخام, حيث الأسعار رخيصة ولكن المشكلة أنه توجد منظمة للتحكم في أسعار الألماس (الله العالم إذا كانت للسيطرة على الألماس وليس حماية الناس )
إذا قمت بشرائه من البائع بسعر رخيص أو بسعر غال تعرقلت تجارتي حيث إن لديهم أسعارا ثابتة وغير قابلين لإخباري بهذه الأسعار , وهل يعقل أنه إذا طلب مني البائع مبلغ 200 أرفض وأدفع مبلغ 1500 ؟
وبعد سؤالي بعض التجار قيل لي هذا كلام على ورق فقط, حيث إن التجار يقومون بتسجيل الفواتير بمبلغ غير الذي اشتروه به.
ومع العلم أن الشهادة التي تصدرها هذه المنظمة بمبلغ الألماس المشترى, عند بيع الألماس يتفق البائع والشاري بمبلغ أكثر عن المبلغ الذي في الشهادة (وهذا متعارف بين التجار) حيث لا تسمح الشهادة بربح أكثر من 35%. سعر البيع ليس هو السعر الذي في الشهادة.
وقيل لي بإمكاني أن أشتري من بائع وأقوم بيعي الألماس على نفسي بمبلغ آخر حيث أوكل شخصا يعمل لدي ببيعي الألماس بالسعر الذي يطابق لهذه المنظمة؟ أوهل بإمكاني أن أطلب من البائع رفع السعر في الفاتورة فقط وأقوم بدفع مبلغ أقل له؟
ولماذا بعد قص الألماس لا يوجد سعر محدد له هل لأن أكبر تجار الألماس يهود!!؟
آسف على الإطالة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الأصل في الأسعار شرعا عدم التحديد، فيترك الناس يبيعون ويشترون ولا يتدخل في تعاملهم بفرض سعر أو هامش محدد من الربح، وذلك انطلاقا من قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ {النساء:29} فلم تقيد التجارة في الآية إلا بالتراضي بين الجانبين.
وعن أنس قال: غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله سعر لنا فقال: إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق، وإني لأرجو أن ألقى ربي وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال. رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
ويستثنى من المنع من التسعير ما إذا حدث خلل مصطنع في السوق وتلاعب وغش فإنه يجوز للسلطان حينئذ التسعير لرفع الضرر، فالضرر يزال، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه ابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني.
والأصل في المسلم أن يبتعد في معاملاته عن الغش والخديعة والتدليس وأن يكون مثالا للاستقامة والبعد عن الريب حتى يكون داعية إلى دينه بخلقه وعمله قبل أن يدعو إليه بقوله.
جاء في قرار صادر عن المجمع الفقهي ما يلي: أولا: الأصل الذي تقرره النصوص والقواعد الشرعية ترك الناس أحرارا في بيعهم وشرائهم وتصرفهم في ممتلكاتهم وأموالهم في إطار أحكام الشريعة الإسلامية الغراء وضوابطها عملا بمطلق قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ.
ثانيا: ليس هناك تحديد لنسبة معينة للربح يتقيد بها التجار في معاملاتهم بل ذلك متروك لظروف التجارة عامة وظروف التجارة والسلع مع مراعاة ما تقضي به الآداب الشرعية من الرفق والقناعة والسماحة والتيسير.
ثالثا: تضافرت نصوص الشريعة الإسلامية على وجوب سلامة التعامل من أسباب الحرام وملابساته كالغش والخديعة والتدليس والاستغفال وتزييف حقيقة الربح والاحتكار الذي يعود بالضرر على العامة والخاصة.
رابعا: لا يتدخل ولي الأمر بالتسعير إلا حيث يجد خللا واضحا في السوق والأسعار ناشئا من عوامل مصطنعة فإن لولي الأمر حينئذ التدخل بالوسائل العادلة الممكنة التي تقضي على تلك العوامل وأسباب الخلل والغلاء والغبن الفاحش.
وبناء على هذا، ننصحك بالابتعاد عن هذا التعامل المبني على الغش والخداع حتى لا تعرض نفسك للمضايقات لك ولأموالك تحت ذريعة مخالفة قوانين هذه المنظمة، فالمسلم لا يعرض نفسه لأن تذل، وربح قليل مع عزة نفس وأمنها خير من ربح كثير مع ذلتها وخوفها.
والله أعلم.