الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تنفسخ الإجارة ببيع العين المستأجرة

السؤال

أجر شخص محلا تجاريا متصلا بمبنى بمبلغ معين وقبض الثمن مسبقاً لمدة 3 سنوات قادمة, وبعد انقضاء عام باع العقار والمحل بمبلغ 70 مليونا مثلاً, واشترط على المشتري أن يقبل البائع بهذا المبلغ بشرط أن لا يطالبه بمبلغ التأجير المتبقي لمدة العامين المقبلين اللذين قبض ثمنهما مسبقا، فوافق المشتري، وبذلك صار مبلغ البيع 70 مليونا+ مبلغ التأجير المتبقي، لكن بعد مدة قصد المشتري مستأجر المحل وطالبه بملغ التأجير لأنه صار هو المالك الآن, فأخبره بأنه سدد مبلغ التأجير للمالك الأول كما تم في شرط البيع، فاغتاظ المشتري وقال للبائع هذا خداع فكيف يحدث أنا المالك الآن وأنت تقبض الثمن، فقال له: المؤمنون عند شروطهم وأنا قبلت ثمن 70 مليونا بشرط الإستفادة من مبلغ التأجير الذي كنت أخذته مسبقا قبل البيع، فقال نتخاصم يوم القيامة أمام الله، فماذ يجب أن نفعل، وهل في هذا البيع خلل، ومن هو الظالم، والله هذه هي الحقيقة, أنا مستعد إذا كان الخطأ مني أن أعيد له المبلغ بالتقسيط من أجرة وظيفتي المتواضعة, أحب أن أكون عبد الله المظلوم ولا أكون عبد الله الظالم، فأريحونا بجواب شاف كاف؟ ولكم الأجر عند الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الإجارة من العقود اللازمة ومن ثمار هذا اللزوم أن المؤجر يملك الثمن، والمستأجر يملك المنفعة، وأن الإجارة لا تنفسخ ببيع العين المستأجرة إذا علم بالإجارة، جاء في كشاف القناع: ولا تنفسخ الإجارة لشراء مستأجرها أي العين المؤجرة لأنه كان مالكاً للمنفعة ثم ملك الرقبة ولا تنافي بينهما. وجاء في المغني: إذا أجر عيناً ثم باعها صح البيع نص عليه أحمد، باعها للمستأجر أو لغيره... فإن اشتراها المستأجر صح البيع أيضاً، لأنه يصح بيعها لغيره فله أولى.

ولا يجوز للمشتري أن يشترط الأجرة لنفسه عند المالكية، جاء في القوانين الفقهية لابن جزي من المالكية: يجوز بيع الرباع والأرض المكتراة خلافاً للشافعي، لا ينفسخ الكراء، ويكون واجب الكراء في بقية مدة الكراء للبائع، ولا يجوز أن يشترطه المشتري لأنه يؤول إلى الربا إلا إن كان البيع بعرض، وإن لم يعلم المشتري أن الأرض مكتراة فذلك عيب له القيام به.

وقال في أسنى المطالب لزكريا الأنصاري الشافعي: (وللمشتري الخيار) في فسخ البيع (إن جهل) الإجارة بخلاف ما إذا علمها نعم لو قال علمتها ولكن ظننت أن لي أجرة ما يحدث على ملكي من المنفعة فأفتى الغزالي بثبوت الخيار له إن كان ممن يشتبه عليه ذلك والشاشي بالمنع، قال الزركشي والأول أوجه لأنه مما يخفى.

وبناء على هذا فإنه لا حق للمشتري في هذه الأجرة، ولا حق للمشتري في مطالبة المستأجر بأجرة بقية المدة، والبيع المذكور بيع صحيح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني