الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

امتنع أبوها عن تزويجها حتى تتم دراستها المختلطة

السؤال

أنا فتاة تونسية أبلغ من العمر 24 سنة، تقدم لخطبتي رجل كفء على خلق ودين أعجب والدي به وقبل به زوجا لي وقد صرح بذلك لكن والدي كان يريدني أن أكمل دراستي الجامعية لا لشيء إلا ليتباهى بي أمام الغير ولا يهمه إن كان ذلك على حساب ديني أم لا إذ لا يخفى عليكم ما يعانيه مسلمو تونس من اختلاط فاجر في الجامعات والفتن الكثيرة واضطرار الطالبات للخلوة مع الأساتذة الرجال والسفر بدون محرم و... وغير ذلك من المعاصي إلى جانب أني لا أدرس الطب أو علما ينفعني أو أستطيع أن أنفع به الأمة الإسلامية بل بالعكس أحس بعمري يفنى من بين يدي بدون فائدة ترجى، باختصار إن والدي فكر ثم قال لي إنه لن يكون حاضرا في عقد زواجي إن لم أكمل السنة كما أنه يريد زواجا فيه اختلاط وموسيقى، أنا متأكدة أني إن طلبت من أحد أعمامي أن يكون وليا لي بدلاً من أبي فلن يرضى وسيعتبر ذلك تحديا لأبي، سؤالي هو: هل أستطيع أن أقوم بعقد الزواج معتمدة على أن أبي موافق على تزويجي من هذا الرجل دون أن يحضر العقد، فأرجوكم أفيدوني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما يفعله والدك من منع تزويجك حتى تنتهي من دراستك حرام وغير جائز خصوصاً مع ما ذكرت من تقدم الكفؤ لك ووجود الفتن التي تخشين منها على نفسك، فليتق هذا الأب الله تعالى وليخش عقابه وأخذه، وليعلم أنه بفعله هذا يعتبر عاضلاً، والعضل يوجب الفسق لصاحبه، قال ابن قدامة: ومعنى العضل منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك، ورغب كل واحد منهما في صاحبه. وقال أيضاً: إذا عضلها وليها الأقرب، انتقلت الولاية إلى الأبعد، نص عليه أحمد وعنه رواية أخرى، تنتقل إلى السلطان. انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: إذا منع الولي تزويج امرأة بخاطب كفء في دينه وخلقه، فإن الولاية تنتقل إلى من بعده من الأقرباء العصبة، الأولى فالأولى، فإن أبوا أن يزوجوا كما هو الغالب، فإن الولاية تنتقل إلى الحاكم الشرعي، ويزوج المرأة الحاكم الشرعي. انتهى.

وبناء على ذلك فيمكنك أن توسطي بعض أهل الخير من أرحامك كالأعمام ونحوهم ليقنعوا الوالد بإتمام الزواج، فإن لم يستجب لهم فليتول أحدهم تزويجك فإن امتنعوا فلترفعي -إن شئت- أمرك للقضاء ليقوم القاضي بإجبارهم على الزواج، أو يزوجك هو رغماً عنهم.. أما أن تتولي أنت عقد النكاح فهذا لا يجوز حتى ولو بإذن وليك وموافقته، لأن النبي اشترط الولي في النكاح، فقال: لا نكاح إلا بولي. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم وصححه الألباني، ونهى أن تتولى المرأة عقد النكاح، فقال: لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها. رواه البيهقي وصححه الألباني. وللفائدة في الموضوع راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 110816، 11320 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني