الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإسراء إلى بيت المقدس له حكم جليلة

السؤال

لماذا لم يمر الرسول صلى الله عليه وسلم في إسرائه إلى المدينة المنورة وجعل هذه المساجد مربوطة من خلال حادثة الإسراء والمعراج؟ولماذا لم يعرج بالنبي صلى الله عليه وسلم مباشرة من مكة المكرمة ومن حجر الكعبة المشرفة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فلا نعلم حكمة ذلك، ولا يضرنا عدم العلم، فليس من وراء علم ذلك فائدة، ويمكن أن يقال: إن المدينة المنورة ليست مكان مهبط الرسالات، ولا فيها من معالم الوحي حين ذلك شيء، وقد ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالمدينة وصلى بها، ولا يصح ذلك. وللإسراء إلى بيت المقدس حكمٌ ذكرها أهل العلم ومنها:
1/ إظهار نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بما أخبر به من وصف بيت المقدس، وأخبار قافلة قريش، وغير ذلك مما شاهده النبي صلى الله عليه وسلم في رحلته.
قال الإمام ابن القيم: فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم في قومه، أخبرهم بما أراه الله عز وجل من آياته الكبرى، فاشتد تكذيبهم له وأذاهم وضرواتهم عليه، وسألوه أن يصف لهم بيت المقدس، فجلاه الله له حتى عاينه، فطفق يخبرهم عن آياته، ولا يستطيعون أن يردوا عليه شيئاً، وأخبرهم عن عيرهم في مسراه ورجوعه، وأخبرهم عن وقت قدومها، وأخبرهم عن البعير الذي يقدمها، وكان الأمر كما قال، فلم يزدهم ذلك إلا نفوراً، وأبى الظالمون إلا كفوراً.
2/ بيان عظمة النبي صلى الله عليه وسلم وشرفه، حيث كان إماماً للأنبياء.
3/ الإشارة إلى وحدة الأنبياء في الرسالة والهدف، وإن اختلفت شرائعهم في الفرعيات، فهم من آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم دعاة إلى توحيد الله وعبادته، وإقامة الناس على المنهج القويم والخلق الكريم.
4/ تمحيص المؤمنين الصادقين الذين تلقوا هذا الحادث بالتصديق والتسليم.
5/ تفريج همِّ النبي صلى الله عليه وسلم وحزنه بسبب ما أصابه من فقدان المناصر والمؤازر بموت عمه وزوجته، وإيذاء الكافرين له.
6/ بيان عظمة الله وقدرته، وأنه إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون.
لهذه الحكم ولحكم لا نعلمها كان الإسراء إلى بيت المقدس قبل أن يعرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء، وعلى المسلم أن يعتقد أن لله الحكمة البالغة في كل شيء. وإن قصرت عقولنا عن إدراك هذه الحكمة في بعض الأحيان.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني