الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم هجر الزوجة الثانية بسبب نشوزها

السؤال

لي زوجتان، الزوجة الثانية سيئة الأخلاق،الغيرة من زوجتي الأولى تجعلها بحالة ذعر شديد دائم ، أصواتها تملأ البناء وتسمع الجيران...تشتم وتدعو وتتمنى لنفسها الموت كل لحظة..بمجرد اتصال هاتف من الأولى لي تصبح هناك مشكلة كأنها حرب عالمية...لكن لي منها أولاد وأتحمل منها ذلك السوء من أجل الأولاد، أكره المبيت عندها لكني أخاف من الظلم فأبقى، ولا تنام معي لأنني لا أرغب بذلك، وإذا نامت معي تمن علي بما فعلت وتشتمني وأنا أصبر وأتحمل، هل يجوز هجرها؟ أي أن لا أنام عندها إنما فقط أذهب لرؤية أولادي...ماذا تنصحوني؟ حاولت معها بكل الأساليب لأعيدها للصواب لكن دون جدوى..أرجو إجابتي ولكم الشكر الجزيل

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فزوجتك هذه إذا كان الأمر كما ذكرت قد ارتكبت إثما عظيما بتطاولها عليك، وشتمها لك، وبذا تكون قد ارتكبت النشوز، وقد بين الله سبحانه كيفية التعامل مع الزوجة الناشز بقوله سبحانه: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ {النساء:34}.

وهذه مراتب مرتب بعضها بعد بعض، فلا يجوز الانتقال لمرتبة إلا بعد المرور بالتي ‏قبلها. قال الإمام الرازي في تفسيره: والذي يدل عليه نص الآية أنه تعالى ابتدأ بالوعظ، ثم ترقى إلى الهجران في المضاجع، ثم ترقى إلى الضرب، وذلك تنبيه يجري مجرى التصريح في أنه مهما حصل الغرض بالطريقة الأخف وجب الاكتفاء به، ولم يجز الإقدام على الطريقة الأشق.

فبذا يتبين أن الهجر مرحلة من مراحل علاج النشوز، وأنه جائز، وقد سبق في الفتوى رقم: 62239، كلام أهل العلم في الهجر.

قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل عند قوله: ثم هجرها. وغايته شهر، ولا يبلغ به أربعة أشهر التي للمولي.

فإن استنفدت معها هذه المراحل ولم تنته عما هي فيه ورأيت أن طلاقها أخف من مفسدة بقائها معك وإصرارها على ما هي عليه فلتطلقها لأنه لا يستحب إمساك مثل هذه المرأة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة يدعون الله عز وجل فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه و رجل آتى سفيها ماله....

فإذا دعا عليها لا يستجيب الله له لأنه المعذب نفسه بمعاشرتها وهو في سعة من فراقها.

قال ابن قدامة في المغني: وربما فسدت الحال بين الزوجين فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة وضرراً مجردا بإلزام الزوج النفقة والسكن وحبس المرأة، مع سوء العشرة والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح لتزول المفسدة الحاصلة منه. انتهى.

وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 62239، 70108، 40769.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني