الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

للعامل استيفاء حقه ولو بالحيلة

السؤال

أعمل في شركة قطاع خاص، وصاحب العمل -مع الأسف- يستغل حاجتنا للعمل ولا يعطينا الأجر المناسب لما نبذله من مجهود، بل إنه قد اصطحبني في مهمة عمل خارج بلدي، ونزلنا في العاصمة لمدة 4 أيام كاملة، كنت أعمل فيها طوال الليل والنهار بلا راحة، وفي كافة الأعمال سواء ما كان من تخصص عملي أو ما يخالفه ، حتى أنني كنت السكرتير الخاص به في سفره.
والمتبع في كل الشركات أن يكون هناك بدلات خاصة بالسفر، أو على الأقل يتم حساب الدوام كاملاً طول اليوم ويضاف إليه الساعات الزائدة، فإن نظام العمل بمقر الشركة 8 ساعات في اليوم الواحد يتخللها ساعة راحة، وفي حالة الزيادة ولو 5 دقائق يتم الحساب بنظام الوقت الإضافي، وأيضاً لو قلت ساعاتي 5 دقائق تخصم من الراتب، وقد تفاجأت برد صاحب العمل على المحاسب عندما أراد الاستفسار عن نظام محاسبتي عن هذه الأيام هل يكون على الساعات الفعلية أي يحسب لي 4 أيام × 24 ساعة = 96 ساعة، أم يحسب لي بدل سفر مناسب؟.
إلا أن رد صاحب العمل كان بحساب 8 ساعات في اليوم الواحد بدون مراعاة لسفري وغربتي، وانقطاعي عن أهلي طيلة هذه المدة، وبدون تقدير لما بذلته معه من مجهود باعترافه هو وشكره، لكني لا أريد شكرا، فأنا أعمل لأحصل على المقابل المادي فقط، فضلا عن أنني بهذا الحال لم أكن أحصل على ساعة راحة عن كل 8 ساعات كما هو متبع للعاملين بمقر الشركة،وقد كان أغلب عملي تحت أشعة الشمس وأمام الجهات الحكومية، وهذا ما يخالف نظام عملي بمقر الشركة، والذي لا أتحمل فيه أي مجهود بدني يذكر.
والسؤال: ما هو التصرف مع صاحب العمل، هو كما أسلفت يستغل حاجتنا للعمل ونحن لا نستطيع أن نطالبه بهذه الحقوق ولا نسامحه فيها؟
هل لي حق لدي هذا الرجل؟
وما هو التصرف المناسب معه؟
وهل يجوز لي أن أزيد بعض الوقت على وقت انصرافي بدون علمه لأحصل على أجري كاملاً ومقابل ما قمت به من أعمال؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن العقد شريعة المتعاقدين بشرط أن لا يتضمن ما يخالف الكتاب والسنة، ولا يجوز الدخول في عقد ما من العقود سواء كان بيعا، أو إجارة، أو غير ذلك إلا بعد معرفة تفاصيله معرفة تامة لكلا المتعاقدين منعا لما قد يترتب على الجهالة من نزاع وخصومة في المستقبل، وما دام أن هناك نظاما متبعا ولوائح مقررة تحكم مثل هذه المؤسسات, فإنه ينبغي الرجوع إليها في تقرير الحقوق طالما أن صاحب العمل لم يشترط عليكم ما يخالفها .

والذي يظهر من كلامك أن هذا الرجل قد خالف هذه اللوائح عندما كلفك من العمل فوق ما هو متفق عليه ولم يوفك عليه أجرا، وهذا من أعظم الذنوب وأقبحها، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره.

وما دام أنه ظالم في فعله هذا ولا تستطيع استخراج حقك منه فحيلة أخرى، فإن لك أن تستوفي حقك بما يتاح لك، ومن ذلك ما ذكرت من زيادة بعض الوقت فوق وقت انصرافك دون علمه بشرط ألا تزيد عن حقك، وأن تأمن عاقبة فعلك هذا بحيث لا تنسب للخيانة أو الكذب، ولك أن تمتنع من القيام بأي عمل زائد في المستقبل إلا بما يقابله من أجر، فإن رفض فعليك بالبحث عن عمل آخر بعيدا عن مؤسسته.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني