السؤال
سؤالي هو:
لي صديق عزيز علي قام بالكذب على أحد الأشخاص المالكين لأحد مكاتب إلحاق العمالة بالخارج وذلك لتحقيق مصلحة السفر لي بالخارج، علماً بأنني قد قمت بإثبات كفاءتي في العمل الذى التحقت به بشهادة المسؤولين عن العمل، أي أن هذه الكذبة لم تلحق الضرر بأصحاب العمل أو بصاحب المكتب، وقد صادف صديقى هذا سوء حظ غريب فى بعض المواقف التى صادفته فى العمل، ويظن صديقى أن الكذبة التى اقترفها هي سبب سوء الحظ الذي يواجهه، وقد صرح لي مؤخراً بأنه سوف يقول لصاحب العمل عن هذا السر الذى يمكن بسببه أن يقطع عيشي في هذه المدرسة، بل من المكن أن يقطع عيشه هو أيضاً ماذا نفعل فى هذا الموقف العصيب الذى بسببه لا أعرف طعم النوم خوفاً من هذه العواقب، وسوف أقص لسيادتكم هذه الكذبة كي تفتينى أفادكم الله :أنا اقوم بتدريس مادة العلوم باللغة العربية فى مصر وقد سافرت منذ 5 سنوات في بعثة إلى إنجلترا والحمد لله أخذت المركز الأول على جميع زملائى فى البعثة، وعندما عدت للقاهرة كانت عندى الفرصة بأن أقوم بالتدريس فى مدارس اللغات ولكننى رفضت لعدة أسباب اقتصادية، ولكن صديقى قام بالتدريس في هذه المدارس، ولما جاءته فرصة السفر وطلب منه صاحب المكتب بأن يرشح له أحد زملائه فى مدارس اللغات قام بترشيحى أنا وهذه هي الكذبة التى يعتقد صديقى بأنها سبب سوء حظه. أرجو الإفادة أفادكم الله؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فحرمة الغش والكذب والخداع معلومة في الإسلام، لا سيما إن بني عليها عقود ومعاملات، وموقف صديقك وخوفه أن يكون ما حصل له بسبب ذنبه، صحيح؛ فإن الذنوب والمعاصي من الأسباب المباشرة لنزول المصائب وحلول النقم وزوال النعم، فما من مصيبة تنزل بالعبد إلا بكسبه وما جنت يداه، كما قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ. {الشورى:30}.
وقال عز وجل: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. {لأنفال:53}.
ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. رواه أحمد وابن ماجه، وصححه ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي، وصححه المنذري، وحسنه العراقي والبوصيري والأرناؤوط. وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 56211 ، 49228 ، 41620.
فالواجب عليك الآن أن تتوب إلى الله تعالى أنت وصاحبك توبة مستجمعة لشروطها التي سبق بيانها في الفتوى رقم: 5450.
ثم الاجتهاد في الطاعات، فإن الحسنات يذهبن السيئات، كما قال الله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ. {هود:114}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا. رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح. وحسنه الألباني.
وما دام الكذب قد حصل بالفعل، وكنت أهلا للعمل المنوط بك من حيث الخبرة والكفاءة، وتقوم به على الوجه المطلوب دون تقصير أو تفريط، فلا نرى مانعا من الاستمرار فيه، كما لا يجب عليك ولا على صاحبك إخبار صاحب العمل بما حصل؛ دفعا للضرر الذي قد ينزل بكما، فالقاعدة أنه لا ضرر ولا ضرار. وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 65331. ويمكنك لمزيد الفائدة مراجعة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 76152 ، 31995 ، 110606.
وقد سبق الكلام على مسألة الكذب لتحقيق مصلحة دون مضرة للآخرين في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 75174 ، 52199 ، 49387.
والله أعلم.