الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحكمة من تأخير غسل الرجلين في غسل الجنابة

السؤال

هل هناك حديث أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يضع قدميه في سطل من الماء بعد الغسل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا نعلم حديثاً مروياً بهذا اللفظ، ولكن قد ثبت في الصحيحين من حديث ميمونة رضي الله عنها، وذكرت صفة غسل النبي صلى الله عليه وسلم، وفي آخره قالت: ثم تنحى عن مقامه فغسل رجليه.

قال الحافظ في الفتح: قال القرطبي: الحكمة في تأخير غسل الرجلين ليحصل الافتتاح والاختتام بأعضاء الوضوء انتهى.

واختلف العلماء هل غسله رجليه صلى الله عليه وسلم كان لعارض من إزالة وسخٍ وطينٍ كان بهما، أو هو سنةٌ من سنن الغسل، وهل وضوؤه في أول الغسل مُشتملٌ على غسل الرجلين، أو السنةُ تأخيرُ غسلهما حتى يفرغ من غسله.

قال النووي في شرح مسلم: واعلم أنه جاء في روايات عائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري ومسلم أنه صلى الله عليه و سلم توضأ وضوءه للصلاة قبل إفاضة الماء عليه، فظاهر هذا أنه صلى الله عليه و سلم أكمل الوضوء بغسل الرجلين، وقد جاء في أكثر روايات ميمونة توضأ ثم أفاض الماء عليه ثم تنحى فغسل رجليه. وفي رواية من حديثها رواها البخارى توضأ وضوءه للصلاة غير قدميه ثم أفاض الماء عليه ثم نحى قدميه فغسلهما، وهذا تصريح بتأخير القدمين. وللشافعي رضي الله عنه قولان أصحهما وأشهرهما والمختار منهما أنه يكمل وضوءه بغسل القدمين، والثاني أنه يؤخر غسل القدمين، فعلى القول الضعيف يتأول روايات عائشة وأكثر روايات ميمونة على أن المراد بوضوء الصلاة أكثره وهو ما سوى الرجلين كما بينته ميمونة في رواية البخاري فهذه الرواية صريحة، وتلك الرواية محتملة للتأويل فيجمع بينهما بما ذكرناه. وأما على المشهور الصحيح فيعمل بظاهر الروايات المشهورة المستفيضة عن عائشة وميمونة جميعا في تقديم وضوء الصلاة، فان ظاهره كمال الوضوء فهذا كان الغالب والعادة المعروفة له صلى الله عليه و سلم، وكان يعيد غسل القدمين بعد الفراغ لإزالة الطين لا لأجل الجنابة، فتكون الرجل مغسولة مرتين، وهذا هو الأكمل الأفضل، فكان صلى الله عليه و سلم يواظب عليه. وأما رواية البخاري عن ميمونة فجرى ذلك مرة أو نحوها بيانا للجواز. انتهى.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني