الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يجوز وصف محاسن امرأة أمام الرجال إلا لمن أراد خطبتها

السؤال

سؤال عن حكم وصف نساء أمام رجال أغراب عنهن: كأن تقوم الأم أو الأخت بالحديث عن فلانة من الناس وتسميها باسمها، وتمتدح شكلها، أو جمالها بحضور الأب أو الأخ أو أي رجل من أفراد العائلة ؟
أنا قرأت حديثا لا أعلم هل هو صحيح أم لا؟ في النهي عن وصف المرأة امرأة أخرى لزوجها كأنه يراها.
فهل هذا المعنى ينطبق على الزوج فقط؟ وماذا في حالة إذا أردت الأم خطبة فتاة لولدها إلى أي حد يسمح لها بالوصف الجسدي له ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأصل أنّه لا يجوز وصف محاسن المرأة ومفاتنها أمام الرجال، والحديث الذي ورد في ذلك حديث صحيح رواه البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا.

وليس النهي مختصاً بالزوج وحده وإنما هو عام للرجال.

قال النووي في رياض الصالحين: باب النهي عن وصف محاسن المرأة لرجل إلاَّ أن يحتاج إلى ذلك لغرض شرعي كنكاحها ونحوه. اهـ

وذلك لأنّ وصف محاسن المرأة أمام الرجال ذريعة للفتنة، فكان النهي عامّاً، إلّا أنّ الشرع قد رخصّ في هذا الأمر حال الخطبة.

قال الشيخ زكريا الأنصاري: فَإِنْ لم يَتَيَسَّرْ نَظَرُهُ إلَيْهَا بَعَثَ امْرَأَةً أو نَحْوَهَا تَتَأَمَّلُهَا وَتَصِفُهَا له، لِأَنَّهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم بَعَثَ أُمَّ سُلَيْمٍ إلَى امْرَأَةٍ وقال: اُنْظُرِي عُرْقُوبَيْهَا، وَشُمِّي عَوَارِضَهَا. رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ ..... وَيُؤْخَذُ من الْخَبَرِ أَنَّ لِلْمَبْعُوثِ أَنْ يَصِفَ لِلْبَاعِثِ زَائِدًا على ما يَنْظُرُهُ هو فَيَسْتَفِيدُ بِالْبَعْثِ ما لَا يَسْتَفِيدُهُ بِنَظَرِهِ. اهـ من أسنى المطالب في شرح روض الطالب.

وقد ذهب كثير من العلماء إلى أنّ المرأة يجوز لها في هذه الحالة أن تصف للخاطب أكثر ممّا يجوز له نظره من المخطوبة.

قال الرملي: وَمَنْ لا يَتَيَسَّرُ لَهُ النَّظَرُ أَوْ لا يُرِيدُهُ بِنَفْسِهِ كَمَا أَطْلَقَهُ جَمْعٌ، يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُرْسِلَ مَنْ يَحِلُّ لَهُ نَظَرُهَا لِيَتَأَمَّلَهَا وَيَصِفَهَا لَهُ، وَلَوْ بِمَا لا يَحِلُّ لَهُ نَظَرُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْخَبَرِ، فَيَسْتَفِيدُ بِالْبَعْثِ مَا لا يَسْتَفِيدُ بِالنَّظَرِ, وَهَذَا لِمَزِيدِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ مُسْتَثْنًى مِنْ حُرْمَةِ وَصْفِ امْرَأَةِ امْرَأَةً لِرَجُلٍ. نهاية المحتاج.

وقال البجيرمي: قَوْلُهُ: زَائِدًا عَلَى مَا يَنْظُرُهُ. أَيْ الْبَاعِثُ كَالصَّدْرِ وَالْبَطْنِ وَالْعَضُدَيْنِ. حاشية البجيرمي على الخطيب.

مع التنبيه على أن المرأة لا يجوز لها أن تنظر من المرأة ما فوق الركبة وما تحت السرة، وانظري الفتوى رقم: 284.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني