الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فتوى هيئة علماء المسلمين في العراق في المعاملة المسماة بالسرقفلية

السؤال

أرجو أن تجيبوا لنا عن هذا السؤال لأنه غير مفهوم لدينا، والسؤال عن معاملة تجارية في السوق تسمى ب ـ السرقفلية ـ وهو كالآتي:عقد بين المستأجر وبين المالك للعقار، خلاصته: عقد إيجار لمدّة معلومة قابل للتجديد تلقائياً برضا الطرفين، بأجرة محدّدة شهرياً مع مبلغ مقطوع يدفع مرة واحدة معجّلاً. مثال ذلك: شخص استأجر فندقاً أو محلاً تجارياً أو سكناً بأجرة شهرية، ولنقل مثلاً : مائة ألف دينار، عن كل شهر لمدّة عام واحد، مع مبلغ مقطوع لدفعة واحدة معجلاً، ولنقل مثلاً: خمسة ملايين دينار، فهذا النوع من ـ السرقفلية ـ.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذه المعاملة المسماة بالسرقفلية من المسائل المستجدة في تعاملات الناس، وقد صارت معمولا بها في بعض البلاد كالعراق وإيران، والسرقفلية ـ كلمة غير عربية، ولا اطلاع لنا على حقيقة هذه المعاملة، ولكن للفائدة نذكر لك خلاصة الفتوى المنشورة على موقع هيئة علماء المسلمين في العراق: السرقفلية التي يجري التعامل بها في العراق أنواع متعددة، أبرزها ثلاثة أنواع:

النوع الأول: تعامل باطل شرعاً، والمال المأخوذ باسمها ـ السرقفلية ـ حرام قطعاً، وهو من أكل أموال الناس بالباطل ظلماً، مثال ذلك: مايفعله بعض الناس حين يستأجر داراً للسكن لمدة معلومة في مقابل أجرة محددة، ويتم العقد على ذلك، وبعد انقضاء المدة المتفق عليها يأبى أن يخرج من الدار إلا في مقابل ـ السرقفلية ـ وقد يطلب مبلغاً أكثر من المبلغ الذي دفعه في مدة الإيجار كلها، فهذا النوع منها التعامل به باطل شرعاً، والمال المأخوذ حرام قطعاً، لأن فيه ظلماً وابتزازاً لصاحب الدار.

النوع الثاني: تعامل صحيح شرعاً، والمال المأخوذ باسمها جائزٌ، مثال ذلك: شخص استأجر داراً للسكن أو محلاً للتجارة، ولمدّة معلومة، وبأجرة محدّدة، ثم طُلِبَ من المستأجر في أثناء مدّة إيجاره أن يخرج من الدار، أو من المحل في مقابل مالٍ يُبذَل له، وقد يكون المال أكثر من المال الذي يدفعه في عقد الإيجار، وهذا هو الحاصل غالباً.فدفع المال للمستأجر في مقابل تخلّيه عن حقّه الثابت بالعقد في ملكِ منفعةِ بقيّةِ المدّة ـ فالسرقفلية ـ هذه في هذا النوع من العقود جائزة شرعاً، لأنها تعويض عن تنازل المستأجر برضاه عن حقه في المنفعة التي باعها للمالك أو لغيره مع موافقة المالك.

النوع الثالث: عقد بين المستأجر وبين المالك للعقار، خلاصته: عقد إيجار لمدّة معلومة قابل للتجديد تلقائياً برضا الطرفين، بأجرة محدّدة شهرياً مع مبلغ مقطوع يدفع مرة واحدة معجّلاً، مثال ذلك: شخص استأجر فندقاً أو محلاً تجارياً أو سكنا بمائة ألف دينار مثلاً عن كل شهر لمدّة عام واحد، مع خمسة ملايين دينارا مثلاً لدفعة واحدة معجلاً، فهذا النوع من ـ السرقفلية ـ هو محلّ نظر عند العلماء، فبعض أهل العلم أجازه وعدّ المبلغ المدفوع معجلاً جزءاً من الأجرة، وألزم صاحب العقار: أعني المالك، أن يحسب المبلغ المقطوع بما يتناسب مع الفترة الزمنية التي يغطيها، وبعبارة أخرى: يقسم الملايين الخمسة على وفق المبلغ الشهري، وتحسب المدةَ الزمنية للمستأجر بما يتساوى مع المبلغ المدفوع، أي أن مدة عقد الإيجار هي خمسة أعوام وشهران.

وبعض أهل العلم يصور المسألة بأن المبلغ المدفوع شهرياً هو ثمن الإيجار، وأما المبلغ المقطوع المدفوع معجلاً فهو شراء لمنفعة معلومة عند المستأجر والمالك، أي أن العقد بينهما اشتمل على شيئين:

الأول: عقد إيجار شهري، والثاني: بيع منفعة شائعة معلومة عندهما داخل المكان المؤجر، ولذلك أجازوا للمستأجر أن يبيع هذه المنفعة بواسطة ـ السرقفلية ـ وقد يبيعها بثمن أغلى من ثمن شراءه أو بثمن أقلّ ولربما كسد السوق فلا يستطيع بيعها بأي ثمن.

وبعض أهل العلم ولاسيما المالكية صحح هذا العقد وعدّ المال المأخوذ بسببه جائز شرعاً. هذا هو خلاصة الفتوى المذكورة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني