الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الاشتراك في برنامج السفر غير المحدود مقابل دفع مبلغ سنوي

السؤال

أود الاستفسار عن الحكم الشرعي للاشتراك في برنامج سفر تابع لشركة طيران. هذا البرنامج يتيح للمشترك السفر غير المحدود لمدة سنة، مقابل دفع رسوم اشتراك سنوية قدرها 600 يورو، تُدفع مرة واحدة، بالإضافة إلى رسوم ثابتة لكل رحلة يتم حجزها، والتي تبلغ 10 يورو للتذكرة، بغض النظر عن الوجهة أو مدة الرحلة.
آلية عمل البرنامج:
يدفع المشترك 600 يورو كرسوم اشتراك لمرة واحدة، صالحة لمدة سنة كاملة، والرحلة الأولى للمشترك بعد الاشتراك تكون مجانية، ويمكن للمشترك حجز عدد غير محدود من الرحلات خلال فترة الاشتراك، ولكن كل رحلة تتطلب دفع رسوم ثابتة قدرها 10 يورو فقط لا غير، ويمكن للمشترك السفر على جميع خطوط الشركة ورحلاتها الدولية والمحلية، باستثناء بعض الخطوط المعدودة والمحددة مسبقًا.
يتطلب الحجز أن يتم قبل 3 أيام من موعد الرحلة، وذلك بحسب توفر المقاعد على الرحلة المطلوبة، ويمكن حجز حتى 3 رحلات في اليوم الواحد.
قد تُفرض رسوم إضافية في حال أراد المسافر خدمات أخرى غير مشمولة في البرنامج -مثل اختيار المقعد، أو الأمتعة الإضافية-. ويعتمد توفر الحجوزات على المقاعد المخصصة للمشتركين، والتي يتم الإعلان عنها قبل 72 ساعة فقط من موعد إقلاع الرحلة، وفي بعض الرحلات، قد يكون هناك عدد محدود من المقاعد المخصصة للمشتركين في البرنامج، مما يعني أنه حتى لو كانت هناك مقاعد متاحة للمسافرين العاديين (غير المشتركين في البرنامج)، فقد لا تكون جميع هذه المقاعد متاحة للمشتركين، نظرًا لتخصيص عدد معين من المقاعد على متن الرحلة لهم فقط.
فهل يعتبر الاشتراك في هذا البرنامج جائزًا من الناحية الشرعية؟ وهل هناك أي شبهات شرعية مثل الغرر أو الجهالة؟ وإذا كان هناك إشكال شرعي، فما الأسباب التي تجعله غير جائز؟ وفي حال تبيّن أنه غير جائز، فماذا يجب أن أفعل، علمًا أنني قد اشتركت مؤخرًا في هذا البرنامج وسافرت أكثر من مرة خلال هذا الشهر؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمثل هذه المعاملة محل خلاف ونظر، وأكثر من اطلعنا على أقوالهم من أهل العلم يحكم بعدم صحتها، لما فيها من الغرر والجهالة، فإن المشترك في هذا البرنامج لا يدري هل سيسافر بالفعل أم لا، وإذا سافر لا يدري كم مرة سيسافر؟ وكذلك الشركة نفسها لا تدري مقدار المنفعة التي ستبذلها نظير حصولها على قيمة الاشتراك، فيدور حال الطرفين بين الغنم والغرم.

ومن أهل العلم من فصّل في الحكم بحسب الواقع، وبحسب فُحْش الغرر أو يُسْره. فإن كان الغالب هو انتفاع الطرفين، وهو مقصود المعاملة، فهي جائزة، ويغتفر ما فيها من الغرر لكونه يسيرًا.

فإن كان المشترك يحتاج غالبًا للسفر، وينتفع بحصول التخفيض على أسعاره، والشركة كذلك تستفيد؛ لأنها تحدد المقاعد الخاصة بهذا الاشتراك بالقدر، وفي الوقت الذي يجعلها أقرب لملء المقاعد الشاغرة غالبًا، مع استفادتها بقيمة الاشتراك، والمبلغ الثابت لكل رحلة؛ فالغالب في هذه الحالة هو انتفاع الطرفين، فيغتفر ما فيها من الغرر؛ لأنه من اليسير المعفو عنه. وراجع في ذلك الفتوى: 373420.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني