الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من لم يجد في بلده من يدفع إليه الزكاة

السؤال

عندي أرض زرعتها قمحا وبعدما حصدت القمح وقمت بتوزيع الزكاة ـ وهي نصف العشر ـ فاض ما يقرب من 25 كيلو جراما ولم أجد أحدا آخر يستحقها، فهل يجوز أن أبيعها وأتصدق بثمنها أو أضعه في مسجد؟ أم ماذا أفعل بها؟ وأخاف من وجودها عندي في البيت.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالواجب على من وجبت عليه الزكاة أن يبادر بإخراجها ودفعها للمستحقين ولا يتركها تخالط ماله، فإن الصدقة ما خالطت مالا إلا أفسدته، كما روي عنه صلى الله عليه وسلم، ولذا فالواجب عليك أن تدفع ما بقي من زكاة زرعك إلى الفقراء والمستحقين، فإن لم تعرف من يستحقها في بلدك أمكنك أن توكل ثقة أمينا يكون أعرف منك بالفقراء فيدفعها إليهم، فإن لم يوجد في بلدك فقراء أو مستحقون للزكاة، فإنك تنقل هذه الزكاة إلى بلد آخر يوجد فيه مستحقون، ولا تحبس الزكاة عن مستحقيها.

قال ابن قدامة في المغني: فإن استغنى عنها فقراء أهل بلدها جاز نقلها، نص عليه أحمد فقال: قد تحمل الصدقة إلى الإمام إذا لم يكن فقراء أو كان فيها فضل عن حاجتهم، وروى أبو عبيد في كتاب الأموال بإسناده عن عمرو بن شعيب أن معاذ بن جبل لم يزل بالجند إذ بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قدم على عمر فرده على ما كان عليه فبعث إليه معاذ بثلث صدقة الناس فأنكر ذلك عمر وقال: لم أبعثك جابيا ولا آخذ جزية لكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس فترد على فقرائهم، فقال معاذ: ما بعثت إليك بشيء وأنا أجد أحدا يأخذه مني، فلما كان العام الثاني بعث إليه بشطر الصدقة فتراجعا بمثل ذلك، فلما كان العام الثالث بعث إليه بها كلها فراجعه عمر بمثل ما راجعه، فقال معاذ: ما وجدت أحدا يأخذ مني شيئا، وكذلك إذا كان ببادية ولم يجد من يدفعها إليه فرقها على فقراء أقرب البلاد إليه. انتهى بتصرف.

وأما بيع الزكاة وإخراج القيمة ففيه خلاف مشهور بين العلماء، فجوز أبو حنيفة وجماعة من أهل العلم إخراج القيمة في الزكاة، واختار شيخ الإسلام جواز إخراج القيمة إذا كان في ذلك مصلحة للفقير، ومنع الجمهور من إخراج القيمة في الزكاة، وقول الجمهورأحوط وأبرأ للذمة، ومن كنت دافعا القيمة إليه إن كان من المستحقين فادفع إليه ما وجب عليك من الزكاة، وأما دفع الزكاة في بناء المساجد فهذاغير جائز، لأن للزكاة مصارف معينة قد بينها الله عز وجل، فلا يجوز أن تدفع في غير مصارفها، وانظر الفتوى رقم: 117373.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني