السؤال
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ولا تبيعوا إلا بالدنانير والدراهم. حديث عن بيع الثمار حتى تنضج. ويقول أيضا: إن ظن الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعين واتبعوا أذناب البقر أنزل الله بهم بلاءا لا يرفعه حتى يراجعوا دينهم"مسند أحمد. ما قولكم في النقود الورقية والفلوس المتداولة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث الأول رواه البخاري عن جَابِرٍ رضي الله عنه قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بَيْعِ الثَّمَرِ حتى يَطِيبَ ولا يُبَاعُ شَيْءٌ منه إلا بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ إلا الْعَرَايَا. وفي رواية النسائي .. وَعَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ قبل أَنْ يُطْعَمَ وَعَنْ بَيْعِ ذلك إلا بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قوله: ولا يباع شيء منه إلا بالدينار والدرهم. قال ابن بطال: إنما اقتصر على الذهب والفضة لأنهما جل ما يتعامل به الناس وإلا فلا خلاف بين الأمة في جواز بيعه بالعروض يعني بشرطه. اهـ.
وقال السندي في حاشيته: والمراد لا تبيعوا الرطب بالتمر والعنب بالزبيب لشبهة الربا. اهـ .
فالمقصود بالحديث النهي عن بيع الثمر قبل بدو صلاحه، والنهي عن بيع الثمر بالثمر، وراجع في بيان المقصود ببيع العرايا الفتوى رقم: 108988. وفي حكم بيع الثمرة قبل بدو صلاحها الفتوى رقم: 118135.
أما الحديث الثاني فرواه أحمد عَنِ ابن عُمَرَ قال : سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: إذا -يعني ضَنَّ الناس بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ -َتَبَايَعُوا بِالْعَيْنِ وَاتَّبَعُوا أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَتَرَكُوا الْجِهَادَ في سَبِيلِ اللَّهِ انزل الله بِهِمْ بَلاَءً فلم يَرْفَعْهُ عَنْهُمْ حتى يُرَاجِعُوا دِينَهُمْ.
وراوه أبو داود بلفظ: إذا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ الله عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حتى تَرْجِعُوا إلى دِينِكُمْ.
وللعينة المنهي عنها تفسيرات أشهرها: أن يبيع سلعة بثمن إلى أجل معلوم، ثم يشتريها نفسها نقداً بثمن أقل، وفي نهاية الأجل يدفع المشتري الثمن الأول، والفرق بين الثمنين فضل هو ربا للبائع الأول.
وبيع العينة محرم على القول الراجح وهو مذهب جمهور الفقهاء، وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 67071.
أما النقود الورقية فهي نقد قائم بنفسه وتلحق بالذهب والفضة في أحكام الربا والزكاة ونحو ذلك لأنها صارت ثمنا للأشياء وبدلا من المتلفات.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي المنعقد بعمان 1407هـ 1986 ونصه: أولاً: بخصوص أحكام العملات الورقية: أنها نقود اعتيادية فيها صفة الثمنية كاملة، ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة من حيث أحكام الربا والزكاة والسلم وسائر أحكامها. انتهى .
وراجع لمزيد البيان الفتويين: 114210، 116860.
والله أعلم.