السؤال
لماذا الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ كان لديهم قوة في استقبال الحق واتباعه وسرعة استجابة للرسول صلى الله عليه وسلم وثبات على ماهم عليه؟ رغم أنهم كانوا مشركين قبل ذلك، ورغم المحن التي أصيبوا بها ـ رضي الله عنهم ـ بعد إسلامهم، وكيف نستطيع أن نصل ولو إلى ظفر أحدهم؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلعل من أسباب ما ذكر هو قوة تأثير شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم إضافة إلى أنه أول ما رباهم رباهم على الإيمان بالله تعالى والتعلق بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ورجاء ما عند الله تعالى من الجنة والنعيم المقيم وخشية ما أعده من عذاب لمن عصاه، فلما قوي إيمانهم وخوفهم من الله وحبهم له وحرصهم على إرضائه استجابوا لأوامره وتركوا نواهيه، جاء في صحيح البخاري عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت: إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل ، فيها ذكر الجنة والنار ، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام ، ولو نزل أول شيء : لا تشربوا الخمر ، لقالوا : لا ندع الخمر أبدا ، ولو نزل : لا تزنوا ، لقالوا : لا ندع الزنا أبدا. انتهى.
قال الشيخ أبو الحسن الندوي ـ رحمه الله ـ في كتابه القيم ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين: والرسول يغذي أرواحهم بالقرآن ويربي نفوسهم بالإيمان ولم يزل يربيهم تربية دقيقة عميقة ولم يزل القرآن الكريم يسمو بنفوسهم ولم تزل مجالس الرسول تزيدهم رسوخا في الدين وعزوفا عن الشهوات وتفانيا في سبيل المرضاة وحنينا إلى الجنة وحرصا على العلم وانحلت العقدة الكبرى عقدة الشرك والكفر فانحلت جميع العقد كلها وجاهدهم جهاده الأول فلم يحتج إلى جهاد مستأنف لكل أمر ونهي فانتصر الإسلام على الجاهلية في المعركة الأولى فكان النصر حليفه في كل معركة.
ونطلب من السائلة مراجعة الكتاب المذكور لتقف على منهج الرسول صلى الله عليه وسلم في الإصلاح، ولتعلم أنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
والله أعلم.