الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يريد الزواج من فتاة ولكن أباها يمنعها من الزواج بلا سبب معتبر

السؤال

فإني أعاني من مشكلة استعصى علي حلها. و أرجو من فضيلتكم إفتائي. أنا شاب أسعى إلى الالتزام بدين الله عز و جل, و أدرس بجامعة مختلطة, أعجبني التزام فتاة في الجامعة (منذ 3 سنوات) فطلبت منها من أول يوم أن تعلم أباها أني أريد خطبتها, فلما أخبرته بلغ منه الغضب مبلغه بحجة أن الفتاة في دراسة. وحاولت مرارا أن أكلمه ولكنه في كل مرة يشتمني و يرفض أن يسمع مني و لو كلمة. حاولت الفتاة منذ ما يقارب العام و النصف الإقلاع عن الدراسة بسبب الاختلاط و لكنها تعرضت إلى الضرب من قبل أبويها و ألحقاها بالجامعة قصرا. خاصة و أن الدراسة المختلطة تعرضها إلى الاحتكاك بالرجال والسفر بغير محرم و البقاء بعيدا عن أهلها بغير محرم و أبوها لا يعي هذا. بالنسبة للأب, تصرفاته غير طبيعية, وقد أكدت لي زوجته و ابنته الطبيبة ( أخت الفتاة التي أريد أن أتزوج بها) أنه مريض مرضا نفسيا ولكنه يرفض ان يعالج من قبل طبيب نفسي, و من معتقداته أنه على المرأة أن تدرس و تعمل و لو في الاختلاط ولو على حساب دينها و صحتها ومسؤولياتها العائلية لأن المال هو الذي يصنع السعادة, وهو يصلي وقد أدى فريضة الحج, ويرى أنه على حق و لا يقبل النصيحة, وينظر إلى هذا الموضوع و إلى كل موضوع لا يعجبه على أساس أنه عناد ومن يمرر قوله يكون هو الرابح, كذلك تدرس بناته كلهن في الاختلاط عنوة و يجبرهن على لبس السروال والتساهل في الحجاب ( وأظن أنه يفعل هذا خوفا لا اقتناعا ...بالنسبة لي لا أرضى بأن تدرس هذه الفتاة في الاختلاط و أرفض كل أنواع التعامل مع الرجال الأجانب و أرفض أن تخرج من بيتها للمجيء إلى الجامعة فطلبت من الأب أن يكتب عقدا لأكون على الأقل قادرا على حمايتها و لكنه رفض الحديث في الموضوع و في نفس الوقت يسمح بأن أظل أقابل ابنته السنين ذوات العدد بدون رابط شرعي ولا يرضى بأن يكتب لنا عقدا وأمام الإلحاح الشديد و المتواصل والتهديد بأن تقلع الفتاة عن الدراسة في هذه الظروف حدث أمر عجيب يؤكد أن الأب لا يعي خطورة هذه الأمور: قالوا لي على الهاتف (الأب والأم على لسان الأم) سوف نأتي بعد غد لنجد لكما حلا, ففهمنا أن الأب سيكتب لنا عقدا, فاستبشرنا وأعلنا ذلك في الجامعة, و لكن في الغد قالوا إنهم لن يأتوا ولن يلبوا شيئا من مطالبنا, فسافرت إليهما الفتاة و طالبت بما يلي: إما أن تسمحوا لي بالبقاء بالبيت فأبتعد عن الاختلاط أو تكتب لنا عقدا فأجد على الأقل من يحميني و دار بينهما حوار عجيب فقالت له "هل أقول له أنك قد زوجتني إياه" فقال لها : " اذهبي و قولي له ذلك ففرحنا مرة أخرى ثم عاد و رجع عن قوله فلم نعد ندري أنتعامل مع شخص مكلف أم أنه قد رفع عنه القلم بهذه الأفعال وتركنا نتخبط وهو لا يبالي و جعلنا نعاني و كأن الفتاة ليست ابنته وهو مستعد من أجل العناد أن يعطل كل شيء مهما طال الزمان وهو ما تسبب بحدوث لقاءات بيني و بين الفتاة لأني لا أجد مع من أتحدث لأناقش الموضوع.
وقد أطلعنا على فتاوى تسقط ولاية الأب في حالات كهذه, و لكن هي ليس لها أخ ولا جد و تربت في وسط متشبع بالخرافات فاعتقاداتهم متشابهة فمثلا العم قد يزوجني إياها ولكن شماتة بأخيه لا أكثر أمر آخر مهم وهو أني لا أزال طالبا وهي كذلك وأبوها يريد منها أن تذهب و تجيء و تغدو و تروح في الحافلة, في الأسواق, في الجامعة... و كل هذا في شوارع العاصمة من غير محرم وهو ما يجعلها عرضة لمن في قلبه مرض , وللأسف الأب لا يرضى بالحديث معي حتى نتحصل أنا و هي على عمل مهما طال الزمن على هذه الحال , مع العلم أننا سنتخرج هذا العام إن شاء الله , وهو يريدها أن تعمل وللعمل ظروف أمرُّ من الدراسة ولدي من المال ما يكفيني لمدة عامين إن شاء الله, ومن يتخرج من جامعتنا يجد عملا سريعا إن شاء الله.
الأسئلة :
•هل ما فعلته جائز شرعا ؟
•إذا سمح لي الأب بمقابلتها (وقد قالها ولكن دون حضور شهود) فهل هذا يجوز لي ذلك؟
•وإذا سقطت ولاية الأب فماذا أفعل؟
و أنا أريد زواجا لا شبهة فيه و لا يرميني الناس بالحمق و لا يتكلموا في عرضي. أفتونا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فابتداء ننبهك أيها السائل إلى أنك قد أخطأت خطأ كبيرا في تواصلك مع هذه الفتاة وانبساطك معها فإنها أجنبية عنك والعلاقة بين رجل وامرأة على الوضع المذكور في السؤال علاقة محرمة وهي ذريعة إلى الفساد والشر , وقد بينا هذا في الفتاوى التالية: 121135 , 121866 , 3672.

فالواجب عليك أن تتقي الله سبحانه وتتوب إليه مما كان منك وأن تقطع علاقتك بها فورا وليكن اتصالك لإتمام الزواج إما مع أبيها أو عمها أو غيرهما من أقاربها الذكور , أما أن تتواصل أنت معها مباشرة فهذا لا يجوز , ولا يسوغ لك هذه العلاقة ما تذكره من عدم وجود من تحادثه في هذا الأمر ولا ما كان من سماح أبيها لك بمقابلتها والاتصال بها فإن هذا محض إثم وضلال من الأب وهو ضرب من الدياثة وانعدام الغيرة يدل إما على فساد في عقله أو خراب في دينه والعياذ بالله , وهذا يوجب له وصف الفسق ولا شك ولكن الفاسق لا تسقط ولايته على موليته على الراجح وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 110087.

ولكن عضله لابنته ومنعها من الزواج بالكفؤ – دون سبب معتبر - يسقط ولايته عليها , كما بيناه في الفتوى رقم: 21054 , وحينئذ تنتقل الولاية لمن بعده على الترتيب المذكور في الفتوى رقم: 5550.

والذي يظهر أن وليها بعد الأب – في هذه الحالة - هو عمها فاطلب منه أن يزوجك من ابنة أخيه ولا يضرك إن كان هذا التزويج بدافع التشفي من أخيه أو الشماتة فيه أو بغير ذلك من الدوافع.

فإن زوجك عمها بوجود الشهود وحصول الإيجاب والقبول فقد تم عقد الزواج الشرعي الذي لا شبهة فيه ولا عليك بعد ذلك بما يقوله الناس أو يتحدثون به ما دمت تبغي رضوان الله وإعفاف نفسك , ولكن إن كنت ستتأثر بحديثهم وأقاويلهم عنك وعن زوجتك وأن زواجكما تم بغير رضا أبيها فليس أمامك حينئذ إلا إقناع أبيها فإن لم يستجب لك فاتركها وابحث عن غيرها من ذوات الدين والخلق وراجع حكم الدراسة في الأماكن المختلطة في الفتوى رقم: 5310, ورقم : 2523

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني