الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإنفاق على الأولاد البالغين

السؤال

أعرض مشكلتي على فضيلتكم: فأنا مطلقة وعندي ثلاثة أطفال في حضانتي بصك شرعي من المحكمة وبنفقة عليهم من والدهم دون الخامسة عشر من العمر, وأيضا عندي أربعة ـ منهم إناث و منهم ذكور ـ بالغين فوق الخامسة عشر من العمر وأريد المطالبة من والدهم بالنفقة عليهم, حيث إن أولادي البالغين عملوا لي توكيلا أطالب بموجبه والدهم بالنفقة عليهم، علما بأنهم يدرسون في المراحل التعليمية ولا يوجد لديهم رزق غيره ـ بعد الله سبحانه وتعالى ـ ولكن والدهم يخيرهم بين السكن في عمارة من أملاكه ويصرف عليهم، رغم أنهم يريدون أن يسكنوا عندي مع إخوانهم الصغار، لأن ولدي الكبير أجر لنا شقة نسكن فيها ولا يريدون التشتت وبما أن عمر والدهم فوق الخامسة والسابعين ومتزوج من أخرى تسكن في عمارة يملكها غير العمارة التي كان يطالبهم أن يسكنوا فيها وهي في الأصل عمارة بها شقق مستأجرة, غير أنه صاحب مشاكل، لأنه بعد الطلاق بشهرين ادعى على أولادي الكبار في المحكمة أنهم يريدون قتله من أجل أن يرثوه ولم يستطع أن يثبت شيئا من ذلك الادعاء الباطل فتنازل عن القضية, وبعدها بشهرين ادعى في المحمكة علي أن عندي عفش بيت كامل يقدر بأكثر من مائة ألف ريال، وبعد اطلاع هيئة الخبراء على العفش اتضح أنه قديم جدا ومكسر وعمره 30 سنة، فهيئة الخبراء قالت له هذا لا يساوى شيئا فتنازل عن القضية، وهذا من ضمن الأسباب التي جعلت أولادي يرفضون السكنى فيما يملكه، علما بأنهم لا يطالبون والدهم بالسكن، وإنما بالنفقة فقط.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأولاد البالغون يخيرّون في الإقامة ولا يجبرون على السكنى مع الأب أو الأمّ ، لكن يجب عليهم برّ والديهم ـ على كل حال ـ قال ابن قدامة: فَأَمَّا الْبَالِغُ الرَّشِيدُ, فَلا حَضَانَةَ عَلَيْهِ, وَإِلَيْهِ الْخِيرَةُ فِي الإِقَامَةِ عِنْدَ مَنْ شَاءَ مِنْ أَبَوَيْهِ, فَإِنْ كَانَ رَجُلا, فَلَهُ الانْفِرَادُ بِنَفْسِهِ, لاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُمَا, وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لا يَنْفَرِدَ عَنْهُمَا, وَلا يَقْطَعَ بِرَّهُ عَنْهُمَا.

المغني.

أمّا نفقة الأولاد البالغين: فقد ذهب جمهور العلماء إلى أن الابن البالغ لا تجب نفقته على أبيه، إلا أن يكون عاجزاً كالمريض والمجنون.

وذهب الحنابلة: إلى وجوب نفقة الابن على أبيه ما دام الابن لا يجد ما ينفق به على نفسه ـ ولو كان صحيحاً قوياً ـ قال ابن قدامة: ولا يشترط في وجوب نفقة الوالدين والمولودين نقص الخلقة ولا نقص الأحكام في ظاهر المذهب.

المغني.

وقال المرداوي: شمل قوله: وأولاده وإن سفلوا ـ الأولاد الكبار الأصحاء الأقوياء إذا كانوا فقراء وهو صحيح وهو من مفردات المذهب.

الإنصاف.

أمّا البنات البالغات: فالراجح أنّ نفقتهن على أبيهن حتى يتزوجن، كما سبق في الفتوى رقم: 25339.

وما دامت المسألة محل خلاف بين العلماء، فالأولى الرجوع فيها للمحكمة الشرعية، لأنّ حكم القاضي يرفع الخلاف ويقطع النزاع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني