السؤال
من هو الكافر؟ وهل هو الذي لا يشهد أن لا إله إلا الله؟ أم يضاف إلي ذلك كل من اتصف بالكفر في أحاديث رسول الله مثل: أن تارك الصلاة كافر، وسباب المسلم فسوق وقتاله كفر، إلخ؟.
ومن هو الفاسق؟ وهل هو الذي خرج من الملة؟ أم يضاف إلي ذلك من اتصف بالفسق في القرآن والأحاديث: كحديث: سباب المسلم فسوق؟.
ومن هو المنافق؟ وهل هو من دخل في الدين خوفاً من السيف؟ أم يمكن للمسلم أن يكون منافقاً وهو لا يدري رغم الطاعات التي يقوم بها، إلا أن في حياته معصية لا يقدر على تركها؟.
ومن هو العاصي؟ وهل العاصي منافق؟.
أجيبوني أثابكم الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم ـ يا أخي ـ أن الكفر نوعان: كفر أكبر مخرج من الملة، وكفر أصغر غير مخرج من الملة، وإنما هو معاص سماها الشارع كفراً مع بقاء الحكم بالإيمان لفاعلها، كما في حديث: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. وحديث: من حلف بغير الله فقد كفر. وحديث: لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض. وغيرها.
وبخصوص تارك الصلاة كسلاً: فقد اختلف العلماء في حكمه: فذهب جمهور العلماء إلى أنه يكفر كفراً أصغر وذهب بعضهم: إلى كفره كفراً أكبر، وانظر الفتويين رقم: 38537، ورقم:56287، وما أحيل عليه فيهما.
وـ أيضاً ـ الفسق منه ما هو أكبر ومنه ما هو أصغر، فالأكبر كما في قوله تعالى: وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {النور:55}. وقوله: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {التوبة:67}. وقوله عن إبليس: فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ {الكهف:50}.
وأما الأصغر: ففي قوله تعالى: وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ {البقرة:282}. وكما في حديث: سباب المسلم فسوق.
وكذلك النفاق: منه ما هو أكبر، كما في قوله تعالى: إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ {المنافقون:1}.
ومنه ما هو أصغر: كما في قوله صلى الله عليه وسلم: أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا أؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذاعاهد غدر، وإذا خاصم فجر. متفق عليه.
وانظر الفتوى رقم: 94258، وما أحيل عليه فيها.
وأما العاصي: فيطلق على الخارج عن طاعة الشرع المخالف لأمره، ويتفاوت حاله بحسب كبر المعصية وصغرها، وقد يصل إلى درجة الفسق وقد لا يصل، إلا أنه لا يخرج من الملة ـ ولو كانت معصيته كبيرة ـ ما دام غير مستحل لها، وانظر الفتوى رقم: 13087.
والمعصية قد تكون نوعاً من النفاق ـ كما في الحديث السابق ـ وقد تكون فسقاً أو كفراً ـ كما في الحديث الذي قبله.
وفي الجملة: فإن هذه المصطلحات قد تتداخل، والحديث فيها يحتاج إلى علم وبرهان من كتاب أو سنة، وقد زل بسبب الجهل بها أقوام ـ كما هو معروف في كلام الفرق المخالفة لأهل السنة: كالخوارج والمرجئة والمعتزلة ـ وانظر الفتويين رقم: 32021، ورقم: 131860، وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.