السؤال
أود أن أطرح عليكم سؤالا يتعلق بظاهرة غريبة تحدث في منطقة ريفية أعرفها.وهو سؤال أطرحه على لسان حماتي لأنه يتعلق بصهرها (أخي زوجها) نظرا لكون المسألة تشغل تفكيرها وتثير تساؤلها في أمور دينها وعقيدتها. المسألة تتلخص في أن هذا الصهر الذي تجاوز الثمانين من العمر والمعروف عنه الورع والتدين والخلق(كثير الصوم رغم كبره ومرضه، كثير الصدقة رغم حاجته، كثير الصلاة...) أصبح منذ سنوات يدعي علم الغيب من أخبار الموت والحياة ومحتوى الأرحام، ومن سيكون من أهل الجنة ومن في النار، والأدهى من ذلك أنه يدعي أن ذلك يأتيه عن طريق وحي إلهي بل إن الله يكلمه مباشرة (استغفر الله العظيم)...وقد تسبب ذلك في كثير من المشاكل حيث إنه مثلا يدعي أن فلانا عاقر فإذا أنجبت زوجته يقول إنه ابن زنا مدعيا أن كل ذلك يوحى إليه، كما أنه يدعي أنه أعلم بأمور الدين وتفسير القرآن، ويخالف من حدثه ويغضب ممن خالفه مع العلم أنه غير متعلم ولا يستطيع أن يقرأ أو يكتب... كما أن عناده وحدة طبعه خلقت توترا كبيرا بينه وبين أهله وأولاده وجيرانه حتى لم نعد نعلم كيف نعامله وهو الشيخ الطاعن في السن.هذه الظاهرة استفحلت خاصة مع تقدمه في السن. حماتي محتارة في أمره وتريد أن تعرف موقف الشرع منه وخاصة في ادعاء الوحي والتكلم إلى الخالق.فهي أحيانا تخاف أن يكون محقا في بعض أمره وتريد أن يطمئن قلبها باستشارة شيخ عالم... أرجو منكم ردا شافيا وبارك الله فيكم؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فادعاء هذا الرجل معرفة الغيب، ودعوى أن الله تعالى يكلمه مباشرة، من الافتراء الظاهر والضلال المبين، وهو من الكفر الذي يخرج صاحبه من الملة إن لم يكن مغلوبا على عقله.
جاء في الموسوعة الفقهية: أجمع الفقهاء على أن التكهن والكهانة بمعنى ادعاء علم الغيب والاكتساب به حرام ... وقالوا: الكاهن يكفر بادعاء علم الغيب، لأنه يتعارض مع نص القرآن، قال تعالى: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ. {الجن: 25-26}. أي عالم الغيب هو الله وحده فلا يطلع عليه أحدا من خلقه إلا من ارتضاه للرسالة، فإنه يطلعه على ما يشاء في غيبه، وعن النبي صلى الله عليه وسلم: من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد. اهـ. وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتوى رقم: 15284.
ومن المعلوم أنه لا فرق بين دعوى التلقي عن الله مباشرة بالكلام، وبين ادعاء النبوة، وهذا أيضا من الكفر البين والعياذ بالله، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 9545.
ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 41084، 55240، 122526.
ومما سبق يتبين أن خوف أم زوجتك أن يكون هذا الرجل محقا في بعض أمره، ليس له أي أصل ولا داع، بل يجب القطع بكذب هذا الرجل وافترائه وجرأته على الباطل، كما ينبغي أن يُدعَى إلى الحق، حتى يثوب إلى رشده ويرجع عن غيِّه. وينبغي كذلك أن يُشهر أمره حتى لا تنطلي دعواه على السذج والجهلة وضعاف العقول، خاصة وأن كلامه ليس فقط كذبا على الله تعالى وتعديا على حدوده، بل ذلك يتعدى إلى حقوق العباد وحرماتهم، كدعواه أن فلانا عاقر، وما يترتب على ذلك من قذف امرأته إذا أنجبت والعياذ بالله.
والله أعلم.