الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخلاف على تفاصيل المهر ونحوه أدى إلى فسخ الخطبة

السؤال

أريد معرفة حكم الشرع في أمر: تقدم لي شخص وعند الاتفاق اتفق الجميع على تقسيم شراء أثاث المنزل بصورة معينة، واتفقوا على عدم كتب قائمة للمنقولات برغم أن هذا الاتفاق ليس هو المأخوذ به عند أسرتي لكن لوجود صلة قرابة وافق الجميع، ولكن حدث سوء فهم في الاتفاق بين الطرفين فاتفق طرف على أن يكون موعد تقديم الشبكة في موعد كتب الكتاب في حين اتفق الآخرون أن يكون بعد شهرين، ولكن لظروف سفر الخاطب طلبت من والدي تأجيل الشبكة لحين رجوعه في موعد كتب الكتاب وهذا تجنبا للمشاكل، ولكن لظروف عاد قبل موعد كتب الكتاب ببضعة شهور ونتيجة لاختلاف وجهات النظر انتهى الأمر وفسخنا الخطبة ولكني لازلت أراه شخصا طيبا برغم كل ما حدث، وبعد فتح الأمر بيني وبينه كان موقفه أن يظل الاتفاق كما أراد وأن تكون الشبكة على كتب الكتاب ولن يكتب قائمة وهذا بالطبع ضد رغبة أسرتي بل ولن يتحمل كل الأثاث بل نقتسم معه في شراء جزء آخر وهذا بالطبع سيجعل الأمر أكثر تعقيدا، وسيظهر أمام أسرتي بأنه يفاصل في ولن يوافقوا بأي حال من الأحوال. قد يكون الأمر سهلا إن تراجع كل طرف ولكن للأسف واضح أنني أنا الوحيدة التي أحاول حل الأمر والوصول لأنصاف حلول لكل الأطراف دون أن يحدث تخبط جديد بين الجميع ينهي الأمر بصورة أسوأ، فأنا أحاول إقناعه بأن يساعدني إن كان بالفعل متمسكا بهذا الارتباط فأنا من جانبي سأقنع والدي بأن يؤجلا الشبكة لحين كتب الكتاب إن أراد الله ويتراجعا عن أمر القائمة لأنني سأستأمن هذا الشخص على حياتي ونفسي، ومن ناحيته يتراجع هو عن أمر أثاث المنزل لكني أخشي أن يكون الأمر انقلب إلى عناد وهذا سيجلب بعده الكثير والكثير من المشاكل التي لن أقوى على مواجهتها وحدي إن بدا الأمر بتلك الصورة.
استخرت المولى عز وجل كثيرا ولكني لا أعلم ما هو حكم الشرع في هذا الاتفاق بالنسبة للشبكة والقائمة وأثاث المنزل ؟ وهل الأمر يستحق بالفعل المحاولة وهل بإصراره على كلامه يكون بالفعل متمسكا بي أم أن تمسكي به خطأ ويجب أن أرضى بقضاء الله وأنهي الأمر ولا أرفض أي خاطب؟
أعتقد أن الرد على تلك الرسالة هو الحاسم لذلك الخلاف بإذن الله لأنني أعلم أن خطيبي السابق شخص ملتزم بفضل الله كنا نلجأ دائما إلى شرع المولى عز وجل في فض أي خلاف بيننا.
آسفة للإطالة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الحل في مثل هذه الأمور إنما يكمن في تراضي الأطراف وتصالحهم على أمر بعينه يحقق المصلحة للأطراف جميعا، لأن حكم الشرع في مثل هذه الأحوال غالبا ما يرجع إلى العرف الجاري بين الناس أو ما يتصالحون عليه، وكل ما يلزم الزوج هنا هو دفع المهر سواء دفعه على هيئة مال أو ما يسمى بالشبكة أو كتب به قائمة كما جرى به العرف في بعض البلدان، وقد بينا هذا في الفتوى رقم:45190.

وأما مسألة تقديم الشبكة فيرجع فيها إلى تحديد ماهية الشبكة فإن جرى العرف بأنها جزء من المهر وهذا هو الظاهر ـ فإنها تأخذ حكمه حرفا بحرف، أما إن كانت مجرد هبة من الزوج لزوجته أو عارية فإنها حينئذ لا تلزم الزوج إلا برضاه وطيب نفسه، ويراجع في ذلك الفتوى رقم: 17989.

لكنا نقول إذا تم العقد ودفع الزوج المهر فإنه لا تؤخر عنه زوجته إذا ما طلبها، فإن اختلفوا هل يدفع الزوج المهر أولا أو تسلم إليه زوجته أولا؟ أجبر هو على دفع المهر ثم تجبر الزوجة على تسليم نفسها.

جاء في المغني لابن قدامه: قال ابن المنذر : وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن للمرأة أن تمتنع من دخول الزوج عليها حتى يعطيها مهرها، وإن قال الزوج لا أسلم إليها الصداق حتى أتسلمها أجبر الزوج على تسليم الصداق أولا ثم تجبر هي على تسليم نفسها. انتهى.

أما تجهيز المنزل فالأصل أنه يلزم الزوج وهو وحده الذي يطالب به.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: الْمَهْرُ حَقٌّ خَالِصٌ لِلزَّوْجَةِ تَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ تَشَاءُ فَلَيْسَ عَلَيْهَا إِعْدَادُ الْبَيْتِ حَيْثُ لاَ يُوجَدُ نَصٌّ مِنْ مَصَادِرِ الشَّرِيعَةِ يُوجِبُ عَلَى الزَّوْجَةِ أَنْ تُجَهِّزَ بَيْتَ الزَّوْجِيَّةِ، كَمَا أَنَّهُ لاَ يُوجَدُ مَا يَدُل عَلَى أَنَّ الْجِهَازَ وَاجِبٌ عَلَى أَبِيهَا وَلَيْسَ لأَِحَدٍ أَنْ يُجْبِرَهَا عَلَى ذَلِكَ فَإِذَا قَامَتْ بِالْجِهَازِ وَمَا يَلْزَمُ مِنْ أَثَاثٍ وَأَدَوَاتٍ فَهِيَ مُتَبَرِّعَةٌ عَلَى الزَّوْجِ فَهُوَ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ بِكُل مَا يَلْزَمُ لإِِعْدَادِ مَسْكَنِ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ فَرْشٍ وَمَتَاعٍ وَأَدَوَاتٍ مَنْزِلِيَّةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْبَيْتُ لأَِنَّ ذَلِكَ مِنَ النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ لِلزَّوْجَةِ. انتهى.

ومجرد الخلاف في ذلك بين الخاطب وأهلك لا يعني أن هذا الرجل غير متمسك بالزواج منك بل لعله يريد ذلك ولكن لا يروق له تصرفات أهلك، ولكنا ننبهك على أمرين:

الأول: أن هذا الرجل أجنبي عنك فلا يجوز لك أن تختلي به ولا أن تنبسطي معه في المعاملة وليكن اتصالك به عن طريق بعض محارمه من النساء أو يتصل هو بأوليائك.

الثاني: أنه لا يجوز لأوليائك تعطيل زواجك بهذا الرجل لأجل هذه الأمور الجانبية ما دام كفؤا لك، وترغبين أنت في الزواج منه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني