الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطيبها كان على علاقة بامرأة وعادت تراوده وتؤثر عليه

السؤال

أنا مخطوبة منذ سنتين ونصف، وخطيبي ملتزم، ولكنه اعترف لي بعد إلحاح شديد أنه قبل معرفتي بشهرين أخطا مع زميلة له في العمل، وبالصدفة انتقلت لفرع آخر ومات الموضوع، وقرر أنه يستر ويستغفر ويعمل الكفارة إلى أن ظهرت في حياته مرة أخرى بعد الخطوبة، بل وأصبحت معه في نفس القسم في العمل، وكنت دائما ألاحظ اهتماما خاصا بينهما، وعندما أسأل يقول لي لا يوجد شيء، ولكن في رمضان الماضي لاحظت أنه التحى وبدأ يقترب من الله أكثر وأكثر في حين أنه ملتزم بالفعل، وبعد ذلك عاد كما كان، ولكن مؤخرا لاحظت تغيير وبعد إلحاح شديد اعترف بأنه أخطأ مع هذه الفتاة قبل معرفتي أي قبل سنتين ونصف، ولكنها اختفت من حياته، وبدأنا في تخطيط حياتنا، وفعلا نحن بصدد إنهاء أعمال المنزل لإتمام الزواج، ولكنها عادت في رمضان الماضي عندما رأته ملتحيا قالت له إنه عندما أخطأ معها أنها أصبحت غير عذراء، مع العلم أنه قبل رمضان كانت زميلة له وتتحدث معه ويتبادلان الأحاديث كزملاء في عمل واحد، وعندما سألها لماذا سكت كل هذه المدة، قالت إنها كانت تخشى أنه لا يصدقها، ومرت الأيام منذ رمضان وخطيبي يبتعد عنها أحيانا، ويكمل حياته معي، ولكن مؤخرا بدأت تحاول الحديث معه وتشعره بالذنب، وهذه نقطة ضعفه وتطلب منه أن يسأل عنها ويتحدث إليها، وفعلا يتحدثون ليلا، وخرج معها قبل ذلك، وعندما سألته قال إنه يحاول أن يرى حلا للموضوع، وإنه كالغرقان يريد آن يتعلق بقشة، وإنه يشعر بذنب رهيب ولا يعرف ماذا يفعل، وإنه هو من فعل ذلك بنفسه، وهي تدخل له من هذا الجانب، وتحاول أن تعكر صفو دنيانا، وبعدما تطلب منه السؤال عنها وكلام من هذا القبيل، فيسألها ماذا أفعل ترجع تقول له لا تشغل بالك بي، ثم تحاول أن تشعره بالذنب، وتقول له إنها تشعر بالذنب تجاهي أنا وهو الآن يعتقد أنها ملاك بريء، وأنها تؤثر عليه تأثيرا تاما، وعندما عرضت عليه وسألته إن أراد أن أخرج من حياته يقول لي إنه يريدني أنا زوجته وأم أولاده وأعفه دائما، وإنه لا يأمن لها كيف كان حالها في السنتين الماضيتين، وإنها لم تقل له ولكن يرجع ويقول إنه من فعل ذلك بنفسه مشتت ومغيب تماما تحت تأثيرها، ويقول لي إنها جيدة ولكنه لا يستطيع أن يرتبط بها؛ لأنه لا يثق بها، ثم يعود يقول إنه يشعر بالذنب الشديد وإنه لوحده يملك هذا الذنب، وطلب مني أني أتركه إن أردت لأننى أستأهل أحدا أحسن منه، وعندما أقول له إن كان لا يريدني في حياته يقول لي إنه يريدني ولكنه غير مرتاح. وعندما أسأله هل إن تركته سيكون مرتاحا يقول لي لا أعلم، ولكن أنت لا تستطيعين التحمل معي، وأنا لا أعرف كيف أحل هذه المصيبة، ويشعر بالألم ومع أني حاولت مساعدته وكلمت أحد الشيوخ ولكنه لم يفدني إفادة كاملة في هذا الرأي. أنا لا اعلم ماذا أفعل لقد أقسم على ألا أقول لأي أحد، وأنا أرى أنه يحتاج إلى شخص يتحدث معه، ولكنه يرفض أن يخبر أي مخلوق خوفا من الفضيحة، وعملا بقول الله إنه وجب عليه أن يستر ولا يفضح.
سيدى بالله عليكم لا أعلم ماذا أفعل في هذا الأمر، وكيف أجعله لا يشعر بما يشعر تجاهها؟ وما كفارة هذا الأمر؟ وهل لي أن أتركه بعدما علمت. وأعلم أنه يريد أن يبدأ حياته معي أم أكمل؟ وكيف أستطيع أن أساعده وهو يرفض رفضا تاما أن يدخل أي مخلوق في هذا الموضوع، وهذه الفتاة تتابعه بدموع كاذبة وكلام مذوق، وعندما أسأله هل تثق بها يقول إني لا أستطيع أن آمن لها. أقول له هل تحبها يقسم أنه يحبني ويريد الزواج بى أنا، ولكنها تصعب عليه ويشعر بذنب تجاهها. فماذا أفعل بالله عليكم وهل أقول لأحد كي يتحدث معه أم أسكت أرجوكم إني أحترق نارا في قلبي، ولا أعلم هل أهدم حياة بقي لها 3 شهور وتبدأ بعد خطوبة دامت عامين ونصف؟ أو أسكت أو ماذا أفعل؟ بالله عليكم أفيدوني.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلم يتبين لنا حد العلاقة التي كانت بين خطيبك هذا وبين هذه الفتاة، ولكن إن كان الأمر بينهما قد وصل إلى حد الزناـ والعياذ بالله ـ فعليه أن يتوب إلى الله جل وعلا توبة صادقة قبل الزواج؛ لأنه لا يجوز للزاني الزواج من العفيفة إلا بعد التوبة لقوله تعالى: الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِين َ{النــور:3}

فحرم سبحانه على العفيف أن ينكح الزانية، وحرم على العفيفة أن تنكح الزاني، يقول ابن كثير رحمه الله: ومن هاهنا ذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله إلى أنه لا يصح العقد من الرجل العفيف على المرأة البغي ما دامت كذلك حتى تستتاب، فإن تابت صح العقد عليه وإلا فلا ، وكذلك لا يصح تزويج المرأة الحرة العفيفة بالرجل الفاجر المسافح حتى يتوب توبة صحيحة لقوله تعالى: وحرم ذلك على المؤمنين} انتهى.

وعليه أن يقطع علاقته بهذه المرأة تماما ولا يلتفت لما تحتال به لإرجاع العلاقة بينهما، وليعلم أنه لا حق عليه مادامت قد طاوعته على فعل الحرام، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 123674.

وعليه أيضا أن يستتر بستر الله فلا يحدث أحدا بما كان منه فقد قال صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا هذه القاذورات، التي نهى الله تعالى عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله، وليتب إلى الله فإنه من يبد لنا صفحته، نقم عليه كتاب الله. صححه الألباني.

وأما علاقته بك فاعلمي أنه أجنبي عنك حتى يتم عقد الزواج، فلا يجوز لك أن تختلي به، ولا أن تنبسطي معه في المعاملة ولا تلتقي به إلا حال وجود محرم لك وبشرط أن توجد حاجة للقاء.

وعلى هذا، فعليك أن تعلميه بالحكم الشرعي في علاقته بهذه المرأة، فإن تاب إلى الله تعالى وقطع علاقته بها فأتمي زواجك منه، وإن أصر على معصيته فلا حرج عليك حينئذ في فسخ هذه الخطوبة، ونوصيك باستخارة الله سبحانه في كل أمر قبل الإقدام عليه.

وفي النهاية ننبهك على أن الأمر باستتار العاصي لم يجر ذكره في القرآن وإنما جاء الأمر به في السنة المطهرة في مثل الحديث الآنف الذكر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني