الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحوال تسقط فيها ولاية الأب في الزواج

السؤال

تقدمت لخطبة فتاة على خلق ودين، وأنا لا أدعي أني ملتزم ولكني أحاول أن أتقرب من الله سبحانه وتعالى بفعل الطاعات وأتمنى من الله أن يرزقني فتاة صالحة تكون أما لأولادي .
رفضني والدها لأني ذو لحية وأرفض أن أصافح أمها وأختها ويصفني بالمتطرف، هو يريد لها زوجا عصريا يجعلها تعيش حياتها كما يرى بحرية، حاولت معه كثيرا أن يعطيني مجالا لمناقشة الأمر ولكنه رفض رفضا تاما ويقول إنه قد عرف أفكاري وتطرفي وأنه لا يرضى بي زوجا لابنته، والدها لا يصلي ولا يصوم وينتقد لبسها وينصحها بتقصيره ويرى أن الحجاب واللحية مظاهر كاذبة.
سمعت من بعض الناس أن والدها لا يصلح أن يكون وليا لها لتركه الفروض، ومن بعض الناس الآخرين أنه بهذا يكون عاضلا لها وتنتقل ولايته لمن بعده.
المشكلة أن من بعده هو عمها وهو مثل والدها تقريبا ويرفض فكرة أن تتزوج من شخص مثلي
فليس لها من يزوجها من عصبتها، وفي نفس الوقت ليس لدينا قاض نرفع الأمر إليه، فنحن نعيش في دولة لا تحكم بشرع الله.
فماذا نفعل يرحمكم الله؟ أسأل كل من قرأ رسالتي بالدعاء لي ولها بالهداية والصلاح. والحمد لله رب العالمين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجوز للأب أن يمنع ابنته من الزواج لاسيما إذا احتاجت لذلك وطلبته، وقد تقدم لها الخاطب الكفء الذي لا يرد مثله، فإذا منعها من النكاح فهو عاضل آثم وتسقط بذلك ولايته على من يتولى عليها وتنتقل لغيره وهل تنتقل الولاية إلى الولي الأبعد أم إلى السلطان؟ خلاف بين أهل العلم سبق بيانه في الفتوى رقم: 32427. وقد اتفقوا على أنها تنتقل إلى السلطان إذا امتنع الأولياء جميعا من تزويجها.

قال ابن قدامة في المغني: أهلها ثم السلطان لا نعلم خلافا بين أهل العلم في أن للسلطان ولاية تزويج المرأة عند عدم أوليائها أو عضلهم وبه يقول مالك، والشافعي، وإسحاق، وأبو عبيد وأصحاب الرأي والأصل فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: فالسلطان ولي من لا ولي له. وقال في موضع آخر: فإن عضل الأولياء كلهم زوج الحاكم... انتهى.

فإذا عدم القاضي الشرعي- كما في حالتكم- وتضررت الفتاة من عضل وليها فيجوز لها حينئذ أن ترفع أمرها إلى المحاكم الوضعية لترفع عنها ظلم أبيها، لأن هذه المحاكم وإن كان الأصل عدم جواز التحاكم إليها إلا أن الضرورة تبيح المحظور ولا شك أن حاجة الفتاة إلى الزواج في أزمنة الفتن والشرور حاجة تنزل منزلة الضرورة.

أما بخصوص ترك والدها للصلاة والصيام فإنه من أكبر الآثام، فإن كان تاركا للصلاة بالكلية فهو كافر على ما ذهب إليه أهل التحقيق من العلماء الراسخين، وقد بيتنا هذا في الفتويين التاليتين: 130853، 6061.

وأما الاستهزاء بشعائر الدين كاللحية والحجاب فإنه كفر بلا خلاف إلا أن يعذر صاحبه بالجهل.

وأما عن ولاية الكافر والفاسق لعقد الزواج فقد بينا الحكم في ذلك مفصلا في الفتويين: 43004، 110087.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني