الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سبب كون ولد الزنا لا ينسب إلى الزاني

السؤال

سؤالي كالتالي وهو ليس للاعتراض، ولكن فقط لمعرفة الحكمة وليزداد يقيني: لماذا لا يثبت نسب الولد الغير الشرعي لوالديه حتى وإن اعترفا أنهما والداه ويعيش معهما ؟ وهل تتكفل الدولة بأمثال هؤلاء ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنريد أولا التنبيه إلى أنه لا نزاع بين أهل العلم في أن الولد إذا كانت أمه فراشا لزوج أو سيد أنه ينسب لصاحب الفراش ما لم ينفه بلعان، وذلك لما في حديث الصحيحين من قول النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر.

أما إذا لم تكن أمه فراشا شرعيا لأحد فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن المولود من الزنى إذا لم يكن مولودا على فراش يدعيه صاحبه، وادعاه الزاني ألحق به، وأوّلوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش. على أنه حكم بذلك عند تنازع الزاني وصاحب الفراش.

قال ابن القيم بعد أن ذكر هذا: وهذا مذهب الحسن البصري، رواه عنه إسحاق بن راهويه بإسناده في رجل زنا بامرأة، فولدت ولدا فادعى ولدها، فقال يجلد ويلزمه الولد، وهذا مذهب عروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، ذكر عنهما أنهما قالا: أيما رجل أتى إلى غلام يزعم أنه ابن له، وأنه زنى بأمه، ولم يدع ذلك الغلام أحد فهو ابنه، واحتج سليمان بن يسار بأن عمر بن الخطاب كان يليط أي يلحق أولاد الجاهلية بمن ادعاهم في الإسلام. وهذا الرأي أيضاً يراه محمد بن سيرين، وشيخ الإسلام ابن تيمية.

وذهب جمهور أهل العلم إلى أن ولد الزنا لا يلحق بأبيه ولا ينسب إليه ولو استلحقه، لأدلة يمكنك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 6045. ومن الأدلة أيضا أن: المعدوم شرعا كالمعدوم حسا.

فنخلص مما ذكر إلى أن الولد من الزنا لا ينسب إلى أبيه الزاني لأن الشرع منع ذلك اتفاقا في الصورة الأولى، وعلى الراجح في الصورة الثانية. وما ثبت في الشرع فلا يحتاج إلى أن تظهر الحكمة منه إذ قد تظهر الحكمة وقد تخفى، لكن لو ثبت نسب الولد غير الشرعي لوالده من الزنا لأمكن أن يؤدي ذلك إلى إبطال الحكمة من الزواج.

أما السؤال عما إذا كانت الدولة تتكفل بأمثال هؤلاء فجوابه أن ذلك يخضع لأنظمة الدول. فالأصل أن ذلك لا يلزمها طالما أن الولد له من يكفله. وأما إذا لم يكن له كافل فإن الدولة تكون ملزمة بكفالته كما هو الحال في غيره، لأن ذلك جزء من مسؤولية ولي أمر المسلمين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني