السؤال
بما أن نظام التقاعد الاختياري لا يجوز، فكيف للإنسان أن يوفر لنفسه دخلا عند الكبر ويتفادى مدّ يده للناس عند الكبر؟ إذ إنه ـ وكما تعلمون ـ إن ادّخر الإنسان شيئا من راتبه، فإن قيمة المال تنقص على مرّ السنين، وإن كان الراتب متوسطا فسيحتاج إلى مد يده طلبا لإحسان الناس عند كبره، وهو الأمر الذي لا ترضاه كرامة وأنفة المسلم، فهل من أفكار ومقترحات لهذه المشكلة لمن يشتغل ـ مثلا ـ في بلاد الغرب أو غيرها؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالضمان الاجتماعي أو التأمين ونحوه يجوز بشروط:
الأول: أن يكون ذلك برضى صاحب المال.
الثاني: أن يكون ذلك على سبيل التعاون والإرفاق لا على سبيل التجارة ـ أي أن يكون ضمانا تعاونيا لا تجاريا.
الثالث: أن لا تستثمر أموال الضمان في الحرام ـ كالربا وغيره من المحرمات ـ وقد تقدم تفصيل ذلك، فراجع فيه الفتويين رقم: 10664، ورقم: 29228.
فإذا توفرت شروط الإباحة جازت المشاركة في الضمان الاجتماعي، وإذا انتفى شيء منها لم تجز.
وعلى اعتبار عدم توفر الشروط وحرمة المشاركة الاختيارية حينئذ، فأنواع استثمار المال وتوفيره كثيرة ـ ولله الحمد ـ فالله تبارك وتعالى أباح البيع بجميع أنواعه: من تجارة ومضاربة وشراكة وغير ذلك من وسائل الاستثمار، غير اللجوء إلى الوسائل المحرمة، فيمكن إيداع المال لدى البنوك الإسلامية في حساب استثماري لتنميته والعمل فيه.
ولا تسد أبواب الحلال أمام المسلم لتنمية ماله واستثماره. ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
قال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا. { الطلاق: 3،2 }.
وقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم وتوجيهه للناس أن قال: إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب.
قال الحافظ في الفتح: أخرجه ابن أبي الدنيا في القناعة، وصححه الحاكم ـ من طريق ابن مسعود.
وصححه الألباني ـ أيضا.
وللمزيد انظر الفتاوى التالية أرقامها: 76244، 123195، 8161.
والله أعلم.