الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل في مجلة بعض كتابها يدعون للتحرر والإباحية

السؤال

هل العمل داخل مجلة وجريدة بعض من كتابها اشتراكيون من دعاة التحرر والإباحية حرام ؟علما أني منذ سنة وأنا أبحث عن عمل ولم أجد، وأن عملي يقتصر على إدارة التقنية للمعلوميات ولا أتدخل في المحتوى. كما أن الجريدة تقول على نفسها إنها مستقلة رغم أن بعضا يتهمها بمحاربة الإسلاميين. بالإضافة إلى هذه الأمور فهي تكتب في مواضيع مختلفة الاقتصاد، سياسة. وسأكون المشرف على الموقع الإلكتروني، ومن خلال هذا العمل يمكنني محاربة ما أمكن كل ما هو مخالف للشرع ٠ وإذا كان لا يجوز فهل يجوز لي العمل فيها مؤقتا؟ كما أرجو أن تضعوا في الحسبان صعوبة الحصول على عمل في شمال إفريقيا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الوسائل لها حكم المقاصد، فإن كان لا يترتب على عمل السائل في هذه الجريدة شيء من الحرام المباشر ولا الإعانة عليه، فلا بأس بهذا العمل. وإما إن كان فيه إعانة قطعية على الحرام فلا يجوز هذا العمل.

جاء في كتاب (قواعد البيوع وفرائد الفروع): قاعدة: (كل مباحٍ أدى تعاطيه إلى محرم فهو حرام). وهذه القاعدة داخلة تحت قاعدة سد الذرائع التي لها في الفقه المنزلة العالية والمرتبة الرفيعة، وبيانها أن يقال: إن المباحات يحكم لها بالإباحة بالنظر إلى ذاتها، أما بالنظر إلى مقاصدها فإنها تختلف أحكامها باختلاف ما يراد بها واختلاف آثارها ونتائجها، ذلك لأن المباحات وسائل، وقد تقرر في الأصول أن الوسائل لها أحكام المقاصد، فوسائل الواجب واجبة، ووسائل المحرم محرمة، ووسائل المندوب مندوبة، ووسائل المكروه مكروهة، ووسائل المباح مباحةٍ، وهذه القاعدة تبين أن هذا المباح إذا أدى تعاطيه بيعاً وشراءً وهبة ونحو ذلك إلى أمرٍ من الأمور المحرمة فإنه يكون ممنوعاً، أي أن الشريعة تمنع من التعامل به وتحرم تعاطيه سداً لذريعة الوصول إلى الحرام، وهذا داخل تحت عموم قوله تعالى: { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان }. اهـ.

والخلاصة أن العمل في الجريدة الموصوفة لا يجوز؛ لما فيه من إعانة على الباطل والإثم. ولا يتغير هذا الحكم إلا في حال الضرورة الشرعية، بحيث لا يوجد عمل غيره، ولا تتيسر للسائل نفقته الضرورية لنفسه ولمن يعول، فيكون ذلك من باب جواز أكل الميتة للمضطر. وراجع في ذلك وفي ضوابط الضرورة المعتبرة شرعاً الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 44493، 33254، 59165, 29129.

وأما مسألة العمل في الإشراف على الموقع الإلكتروني لهذه الجريدة، ومحاربة ما يخالف الشرع من خلال ذلك، فإن كان هذا متيسرا بالفعل، بحيث يتمكن السائل من حذف كل ما يخالف الشريعة الغراء، ويقتصر على نشر ما يوافقها، فهذا عمل جليل ونوع من أنواع الجهاد، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 117735.

ولكن المعلوم من الواقع العملي أن ذلك غير متيسر، وأنه لا بد أن يظهر توجه أصحاب هذه الجريدة على محتوياتها، سواء المطبوع أو الألكتروني. وراجع للفائدة الفتويين: 61000، 13560.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني