الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من مات بسرطان الكبد هل يعد شهيدا

السؤال

لدي أخت توفيت قبل ثلاثة أشهر، وكانت تعاني من مرض السرطان، وكانت في أخر شهرين من حياتها تشكو من ألم شديد في بطنها، وكان هناك انتفاخ كبير في بطنها، وكان ذلك ناتجا عن انتشار السرطان في منطقة الكبد وكنت في آخر أيامها أطعمها بيدي رغما عنها، وكانت تقول لي إنها لا تستطيع الأكل، وكانت تقول لي إنها لن تعيش طويلا، ولكنها كان لديها أمل كبير في الله في أن تشفى إلا أن رحمة الله أن كانت في منيتها، وفي آخر يومين في حياتها كان الأطباء يعطونها نوعا من العلاج كان يبقيها نائمة، وكانت لا تستيقظ إلا أقل من دقيقة، وتعود إلى نومها، وعندما سألنا الأطباء عن هذا الدواء قالو لنا إنها مادة تشبه المخدر تعطى للمريض كي لا يشعر بالألم وقبل وفاتها بيوم أيقظناها لتصلي الظهر، وكان قد جلب زوجها معه تراب لتقوم بالتيمم بالفعل تيممت وصلت الظهر وعند صلاة العصر كنت أيقظها لتصلي العصر وأقول لها لقد حان وقت صلاة العصر فكنت تهز لي برأسها بمعنى نعم أي أنها سوف تقوم إلا أنها تعود إلى نومها، وفي صباح اليوم التالي دخلت فيما يشبه الغيبوبة حيث إن بصرها شخص إلى الأعلى وكانت لا تستطيع التكلم ،وكانت من شدة الألم ترفع يديها دون أن تستطيع التكلم، وكان الأهل والأحبة إلى جوارها لم يفارقوها، وكان زوجها يردد على مسامعها كلمة التوحيد لا إله إلا الله، وكانت تردد ذلك بتحريك لسانها، وكان ابن عمي يقف هناك ويردد كلمة التوحيد، وبالفعل وقت الظهر رددتها أكثر من عشر مرات وكان آخر علمنا بها هي كلمة التوحيد وكلمة الآهات من شدة الألم، وقد توفيت يوم الاثنين الساعة الحادية عشر والنصف ليلا، وكنت أنا ووالدي وأخي وزوجها وأشقاء زوجها قريبين من المستشفى، وقامت أختي الكبرى وكانت مرافقة معها هي وأمي وزوجة أخي بالاتصال بزوجها وأبلغاه أنه تم نقلها إلى غرفة أخرى، وعندما شهدت أختى وجدتها وكأنها نائمة، علما أنه مرت بحياة أليمة، ابنها الكبير أصيب بمرض السحايا وتسبب في إعاقة بيده ورجله، ابنها أصيب بالتهابات فقد السمع والنطق، وطفل لها توفي أثناء الولادة ونحسبها عند الله من الصابرين ولا نزكي أحدا على الله. والله على ما أقول شهيد.
سؤالي: هل تدخل ضمن من مات مبطونا؟ وهل تعد ممن حسُنت خاتمتها؟
وما حكم بناء القبر بالرخام أو ما شابه دون أن يزيد البناء أكثر من شبر فوق الأرض؟ وما حكم الكتابة حيث إن شقيقاتي الأخريات يسألنني لماذا لم تقم ببناء القبر أو حتى الكتابة عليه، فقلت لهن إن بناء القبر والكتابة عليه أمر مكروه والعلم عند الله.
وأنا في صلاتي أدعو لها بعد تكبيرة الإحرام وبعد الركوع وأثناء السجود وبعد السجود وبعد التشهد وأقول اللهم اغفر لي ولأختي مع ذكر اسمها.
ما حكم الدعاء في تلك الحالات أثناء الوقوف وبعد الركوع وأثناء السجود وبعد السجود وأثناء التشهد ؟
وما حكم قرءاه القرآن وإهداء ثوابها لها؟
وسامحنا الله وإياكم على الإطالة.
اللهم اغفر لي ولها ولكم ولأموات المسلمين وأحيائهم .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يغفر لهذه المرأة ويرحمها وأن يعافيها ويعفو عنها، ونرجو إن شاء الله أن تكون ممن حسنت خاتمتها، وأن تكون داخلة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة. رواه أحمد وأبو داود.

ونرجو إن شاء الله أن تكون داخلة في قول النبي صلى الله عليه وسلم الثابت في الصحيح: والمبطون شهيد. فإنه يشمل كل ميت بداء في البطن.

قال الشيخ العثيمين رحمه الله: والمبطون هو الذي أصيب بداء البطن بمعنى أنه يكون فيه إسهال أو وجع في بطنه ومنه ما يسمى بالزائدة إذا انفجرت وما أشبه ذلك فكل أدواء البطن التي تكون سبباً للموت فإنها داخلة في قوله صلى الله عليه وسلم المبطون لا سيما التي يكون الموت فيها محققاً عجلاً. انتهى.

وأما الكتابة على القبر فقد بينا حكمها في الفتوى رقم: 103430فانظرها وما أحيل عليه فيها، وأما البناء على القبور وتجصيصها فقد سبق لنا بيان حكمه في الفتوى رقم: 117030. فانظرها وما فيها من إحالات، وأما دعائك لأختك في صلاتك فعمل حسن تؤجر عليه وينفعها ذلك إن شاء الله، ولا حرج في تعيينها باسمها، والأولى ألا تفعل ذلك بعد تكبيرة الإحرام فإنه موضع دعاء الاستفتاح، والأولى أن تلتزم فيه بالوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

واعلم أن أفضل المواطن التي يدعو المسلم فيها في صلاته هي حال السجود، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء. وقال صلى الله عليه وسلم: وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم. رواهما مسلم.

وكذا الدعاء بعد التشهد وقبل السلام، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعد ما علم أصحابه التشهد: ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فليدع به. متفق عليه.

وأما هبة ثواب القراءة لها فهي محل خلاف بين العلماء، والراجح إن شاء الله أن ذلك ينفعها ويبلغها ثوابه، وانظر الفتوى رقم: 111133.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني