السؤال
أنا إمام مسجد في شمال ألمانيا وأطرح عليكم هذا السؤال: في فترة جاهليتهما زنا شاب بفتاة يحبها، ولقد هداهما الله عز وجل وهما ملتزمان منذ قرابة السنتين ولكنهما رغم إلتزامهما مازالا يزنيان، وهو يريد الآن أن يتزوجها، والداها لا يصليان وليس لهما علاقة بالإسلام وهما ضد هذا الزواج ويعارضانه معارضة تامة، فهما يقولان بأن ابنتهما ما زالت صغيرة (16 سنة)، ويريدانها أن تواصل تعليمها، أبواها على علم بهذه العلاقة ولكنهما لا يعلمان بأن الأمور وصلت إلى الزنا، أب الفتاة عاطل عن العمل، ولا يهتم بشؤون عائلته ولا ينفع عائلته بشيء وإنما ليس من ورائه إلا الضرر، لذلك تحرص البنات على قطع علاقتهن به. الأب يضرب ابنته ويضطهدها.. ولقد سبق لهذا الأب أن عاش عدة سنوات مع امرأة لا تحل له في بيت واحد، وكان يزني بها، ولما علمت زوجته بالأمر حصل بينهما الطلاق، ولكن بعد مدة طويلة عاد هذا الأب للعيش مع مطلقته في بيتها مع بناتهما الثلاث في بيت واحد، وهذا الرجل ينام مع مطلقته في غرفة واحدة ولا نعلم عن حالتهما شيئا، يعني هل أنهما كتبا عقد زواج جديد أم لا، الشاب يسألكم: في حالة استمرار رفضهما هل يجوز له أن يعقد عليها بدون إذن وليها مع توفر كل شروط الزواج؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالزنا ذنب عظيم وكبيرة من كبائر الذنوب وسبب لمقت الله وغضبه، وراجع الفتوى رقم: 1602. فيجب عليهما المبادرة إلى التوبة فوراً وقطع أي علاقة بينهما، وكيف يستقيم أمر استمرارهما على فعل الفاحشة مع ادعائهما الالتزام والاستقامة على دين الله، والله تعالى يقول: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ. {العنكبوت:45}، ولا يجوز للزاني أن يتزوج بمن زنى بها إلا بشرطين وهما التوبة والاستبراء، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 94773.
والولي شرط لصحة النكاح فلا يجوز للمرأة أن تتزوج إلا بإذن وليها، فإن تزوجت بغير إذنه كان النكاح باطلاً على الراجح من أقوال الفقهاء، وراجع الفتوى رقم: 1766.
وقد اختلف الفقهاء في حكم تارك الصلاة والجمهور على أنه يفسق بذلك ولا يكفر، والفاسق لا تسقط ولايته على ابنته على الراجح عندنا، وراجع الفتوى رقم: 110087.. وأما قولك إنه لا علاقة لهما بالإسلام. فإن كان المقصود أنهم يأتي بشيء من المكفرات القطعية كسب الله أو سب دين الإسلام أو ينكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة فهو كافر فلا ولاية له على ابنته. وعلى تقدير بقاء ولايته فإن كان يمنع ابنته من الزواج من الكفء وخشيت ابنته أن يعضلها عن الزواج فلها أن ترفع أمرها إلى من يقوم مقام القاضي الشرعي في البلاد غير الإسلامية كالمراكز الإسلامية لينظر في الأمر، فإن ثبت العضل زوجوها أو وكلوا من يزوجها، ولا ينبغي للولي أن يمنع موليته عن الزواج بحجة صغر السن أو إكمال الدراسة وخاصة إن كان تخاف الفتنة على نفسها، وانظر الفتوى رقم: 108613.
وننبه إلى أن حق الوالد في البر والإحسان واجب لا يسقطه تفريطه في حق أولاده وإساءته لهم، ونرجو أن تراجع الفتوى رقم:8173، والفتوى رقم: 11649.
ويجب على هذا الرجل أن يتوب مما وقع فيه من الزنا بتلك المرأة التي كان يخادنها، وأما مطلقته هذه فإن كانت قد بانت منه بينونة صغرى فلا يحل له معاشرتها أو الخلوة بها إلا إذا عقد له عليها عقداً شرعياً لأنه بالبينونة قد أصبحت أجنبية عنه، وراجع الفتوى رقم: 30332 وهي عن أنواع الطلاق.
والله أعلم.