الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الواجب في الركاز وهل هو لواجده أم لمالك البيت

السؤال

أنا من بلاد الشام، وأعمل في الإمارات العربية المتحدة، في بلادنا في بيت جدتي يوجد مدافن رومانية ويقال إنه موجود ذهب بهذه المدافن، وجدتي وأولادها يعلمون بهذه المدافن منذ أكثر من عشرين عاما، ولم يفكروا بإخراج هذا الدفين حتى أن جدتي تفكر أن تبيع البيت، والبيت مهجور منذ أكثر من سنتين، السؤال هو: هل أستطيع أن أرجع إلى بلدي وأن أخرج هذا الدفين؟ وإن أخرجته هل يترتب علي شيء من زكاة أو غير ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذا المال المدفون في ذلك البيت إن كان مما دفنه أهل الجاهلية أي من كانوا قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فهو المعروف بالركاز، والواجب فيه الخمس لقوله صلى الله عليه وسلم: وفي الركاز الخمس. وهل يكون لواجده أو لمالك البيت؟ في ذلك قولان للعلماء.

قال ابن قدامة رحمه الله: القسم الثالث: أي من أقسام الركاز.. أن يجده في ملك آدمي مسلم معصوم أو ذمي فعن أحمد ما يدل على أنه لصاحب الدار وهذا قول أبي حنيفة ومحمد بن الحسن. ونقل عن أحمد ما يدل على أنه لواجده وقال القاضي: هو الصحيح، وهو قول الحسن بن صالح وأبي ثور واستحسنه أبو يوسف وذلك لأن الكنز لا يملك بملك الدار على ما ذكرنا في القسم الذي قبله فيكون لمن وجده لكن إن ادعاه المالك فالقول قوله لأن يده عليه بكونها على محله. وإن لم يدعه فهو لواجده. وقال الشافعي: هو لمالك الدار إن اعترف به وإن لم يعترف به فهو لأول مالك لأنه في يده. انتهى مختصراً.

فإذا تبين لك ما ذكرناه فعلى قول الجمهور يكون هذا الركاز إن استخرجته لمالك البيت، ولا يكون لك شيء إلا إن استؤجرت لإخراجه فتكون لك الأجرة المسماة، فإن لم تسم الأجرة فلك أجرة المثل، وإن أخرجت دون إذن مالكه فلا شيء لك، وقد رجح فقهاء الشافعية أن من دفع ثوبه لشخص فخاطه لم يستحق أجرة لكونه متبرعا، فهكذا هنا بل أولى، قال الشيرازي في المهذب: وإن دفع ثوبا إلى رجل فخاطه ولم يذكر له أجرة فقد اختلف أصحابنا فيه على أربعة أوجه. فذكرها ثم قال: والرابع: وهو المذهب: أنه لا يلزمه بحال، لأنه بذل ماله من غير عوض فلم يجب له العوض، كما لو بذل طعامه لمن أكله. انتهى.

وفي هذه الحال يجب على مالك البيت الخمس لما مر، وأما عند الحنابلة فالركاز لك إلا إن استؤجرت لإخراجه فلك الأجرة فقط، وعليك الخمس لما مر، قال في حاشية الروض: الباقي بعد الخمس من الركاز، إن كان قد أخرج الخمس من عينه، أو الباقي بعد ما يقابل المخرج عنه من غيره لواجده، لفعل عمر وعلي، فإنهما دفعا باقي الركاز لواجده، وتقدم أنه مال كافر مظهور عليه، فكان لواجده بعد الخمس كالغنيمة، ولو كان الواجد له أجيرًا لغير طلبه، كنقض جدار، وحفر بئر ونحوها. فهو له لا لمستأجره، فإن كان واجده أجيرًا فيه، فلمن آجره، لأن الواجد نائب عنه في استخراجه، لكن لو آجره لطلب ركاز، فوجد غيره، فهو لواجده، لأنه ليس أجيرًا لطلب ما وجده. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني