الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب المسلم إذا قصر أولياء الأمور في جباية الزكاة

السؤال

أغلب الأنظمة العربية اليوم تنهب ثروات الشعوب وتهربها إلى الخارج ولا تؤدي الزكاة إلى الفقراء وكما تعلمون فإن أبا بكر حارب الذين امتنعوا عن أداء الزكاة، فما هو البديل اليوم من أجل إعطاء الحقوق إلى أهلها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالمال المسروق والمنتهَب والمغتصَب لا يحل لسارقه ومنتهبه ومغتصبه، وبالتالي لا تجب عليه زكاته، بل يجب رده كله إلى صاحبه، سواء أكان شخصا أم جهة ولا تبرأ الذمة إلا بذلك، هذا أولا، وثانيا: قتال أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ لمانعي الزكاة كان باعتباره خليفة وإماما للمسلمين، ولا يصح أن يقوم بمثل هذا القتال فرد، أو أفراد من الأمة من تلقاء أنفسهم، شأنهم في ذلك شأنهم في إقامة الحدود، بل أكبر، فهذا من اختصاص السلطان أو نائبه، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 123589، ورقم: 29819.

ثالثا: ظلم الحكام لرعاياهم بكل أنواعه: منكر من المنكرات، فيجب على الجميع إنكاره بالقلب، ثم يجب إنكاره باللسان في ضوء الضوابط الشرعية في مناصحة الولاة، ويعذر في ذلك من يخاف على نفسه القتل، أو الأذى غير المحتمل، فيجوز له السكوت عملا بالرخصة مع الإنكار التام بالقلب، وإن أخذ نفسه بالعزيمة فهذا أفضل وأحسن، حيث سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الجهاد أفضل؟ فقال: كلمة حق عند سلطان جائر. رواه النسائي وابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني.

وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله. رواه الحاكم وصححه والخطيب، وصححه الألباني.

وراجع في تفصيل ذلك الفتويين رقم: 9358، ورقم: 33346.

رابعا: إذا قصَّر أولياء الأمور في جباية الزكاة وإيصالها لأهلها، فلا يسقط هذا الحق عن آحاد الناس، فكل مسلم وجبت عليه الزكاة تولى هو إخراجها وإيصالها لمستحقيها، ولا شك أن هذا إن حصل على وجهه سيكون فيه قدر عظيم من كفاية الفقراء وغيرهم من أهل الزكاة.

خامسا: من كان له مدخل بأي وجه من الأوجه الشرعية في رفع ظلم، أو رد حق لأصحابه، وجب عليه فعله بقدر طاقته، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالما، أو مظلوما، فقال رجل: يا رسول الله! أنصره إذا كان مظلوما، أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره؟ قال: تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره. رواه البخاري.

وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: لا تقدس أمة لا يقضى فيها بالحق ولا يأخذ الضعيف حقه من القوي غير متعتع. قال المنذري: رواه الطبراني ورواته ثقات. اهـ. وصححه الألباني.

قال ابن الأثير: غير متعتع بفتح التاء، أي من غير أن يصيبه أذى يقلقله ويزعجه. اهـ.

قال المناوي في التيسير: أفاد أن ترك إزالة المنكر مع القدرة عظيم الإثم. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني