الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم وضع الكريمات التي تزيد في حجم الأعضاء

السؤال

يا شيخ في هذه الأيام بعض البنات ـ الله يصلحهن ـ يضعن كريما خاصا لتكبير مثلا الخدود أو يستعملون حبوبا معينة لتكبير الخدود أو مناطق أخرى، فماهو حكم مثل هذه الكريمات؟ وهل تعتبر تغييرا لخلق الله؟ علما أن الفتاة التي تستخدم هذا الكريم يكون وجهها نحيفا وبعد ماتضعه يمتلأ ويصبح قمري، فهل هذا جائز؟ وجزاكم الله خير وجعلكم من الهداة المهتدين.  

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حرج في استعمال كريمات طاهرة تزول مع الوقت وليس فيها ضرر ولا تدليس على الخاطب، إذ الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد ما يقضي بحرمتها، ولكن إذا ثبت طبياً أنها مضرة فيحرم استخدامها منعاً للضرر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك وأحمد وابن ماجه والنسائي.

وللقاعدة: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ـ وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 19759، 19191، 73307

وما كان منضبطا بما ذكرنا لا يعتبر من تغيير خلق الله المحرم، لأن تغيير خلق الله تعالى المنهي عنه إنما هو فيما يكون باقياً أما ما لا يكون باقياً وكان نافعا وسلم من الضرر والتشبه بالكفار والفجار فهو جائز كالكحل والحناء، قال القرطبي في سياق تفسير الآية: فليغيرن خلق الله ـ قيل: هذا المنهي عنه إنما هو فيما يكون باقيا، لأنه من باب تغيير خلق الله تعالى، فأما ما لا يكون باقيا كالكحل والتزين به للنساء فقد أجاز العلماء ذلك مالك وغيره. اهـ.

وقال ابن عاشور: وليس من تغيير خلق الله التصرّف في المخلوقات بما أذن الله فيه ولا ما يدخل في معنى الحسن، فإنّ الختان من تغيير خلق الله ولكنّه لفوائد صحيّة، وكذلك حَلق الشعر لفائدة دفع بعض الأضرار، وتقليمُ الأظفار لفائدة تيسير العمل بالأيدي، وكذلك ثقب الآذان للنساء لوضع الأقراط والتزيّن، وأمّا ما ورد في السنّة من لعن الواصلات والمتنمّصات والمتفلّجات للحسن فممّا أشكل تأويله، وأحسب تأويله أنّ الغرض منه النهي عن سمات كانت تعدّ من سمات العواهر في ذلك العهد، أو من سمات المشركات، وإلاّ فلو فرضنا هذه مَنهيّاً عنها لَما بلغ النهي إلى حدّ لَعن فاعلات ذلك، وملاك الأمر أن تغيير خلق الله إنّما يكون إذا كان فيه حظّ من طاعة الشيطان، بأن يجعل علامة لِنحلة شيطانية، كما هو سياق الآية واتّصال الحديث بها، وقد أوضحنا ذلك في كتابي المسمّى: النظر الفسيح على مشكل الجامع الصحيح. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني