الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لماذا يجب على المرأة أن تصلي خلف الرجل؟

السؤال

لماذا يجب على المرأة أن تصلي خلف الرجل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأمر المؤمن مبني على التسليم لما قضاه الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وصلاة المرأة خلف الرجل في الصلاة هو ما وردت به سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والتزم به صحابته -رضي الله عنهم-. فمن اتبع غير سبيلهم ولاه الله ما تولى، وتوعده بالعذاب الشديد.

فقال في الذين يخالفون رسوله -صلى الله عليه وسلم-: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {النور:63}.

وقال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري وغيره: من رغب عن سنتي فليس مني.

فاحذر أخي الكريم أن يكون سؤلك للاستنكار وابتغاء المخالفة، أما إن كنت تسأل عن الحكمة لأجل الاستئناس بها ومزيد الاطمئنان، فإن الحكم كثيرة وأظهرها أن الصلاة صلة بين العبد وربه، فإذا أراد دخولها أبعد عنه كل ما يشغل عنها من متاع الدنيا, فقد كان صلى الله عليه وسلم يبعد كل ما يحصل به الاشتغال عن كمال الحضور في الصلاة وتدبر أذكارها وتلاوتها ومقاصدها من الانقياد والخضوع وحضورالقلب.

قال في تقريب الأسانيد: عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: صَلَّى رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي خَمِيصَةٍ ذَاتِ عَلَمٍ فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ قَالَ اذْهَبُوا بِهَذِهِ الْخَمِيصَةِ إلَى أَبِي جَهْمٍ وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلاَتِي، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: فَنَظَرَ إلَى أَعْلاَمِهَا نَظْرَةً، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ عَلَّقَهَا: كُنْت أَنْظُرُ إلَى عَلْمِهَا وَأَنَا فِي الصَّلاَةِ فَأَخَافُ أَنْ يَفْتِننِي، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: شَغَلَتْنِي أَعْلاَمُ هَذِهِ. انتهى.

وفي مسند الإمام أحمد عن أنس قال: كان قرام لعائشة قد سترت به جانب بيتها فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أميطي عنا قرامك هذا؛ فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي. انتهى.

ومن المعلوم أن المرأة من أشد فتن الدنيا على الرجل، فتقدمها عليه في الصلاة أو مجاورتها له، فيها مظنة حصول الافتتان والانشغال بها، وقد روى ابن ماجه في سننه عن أبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها، وخير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها.

قال السندي في حاشيته على ابن ماجه: قَوْله: خَيْر صُفُوف النِّسَاء ـ أَيْ أَكْثَرهَا ثَوَابًا، وَشَرّهَا أَيْ أَقَلّهَا ثَوَابًا، وَفِي الزَّوَائِد: وَجَاءَ لَهُ بِالْعَكْسِ وَذَلِكَ لِأَنَّ مُقَارَبَة أَنْفَاس الرِّجَال لِلنِّسَاءِ يُخَاف مِنْهَا أَنْ تُشَوِّش الْمَرْأَة عَلَى الرِّجَال وَالرَّجُل عَلَى الْمَرْأَة، ثُمَّ هَذَا التَّفْصِيل فِي صُفُوف الرِّجَال عَلَى إِطْلَاقه وَفِي صُفُوف النِّسَاء عِنْد الِاخْتِلَاط بِالرِّجَالِ كَذَا قِيلَ، وَيُمْكِن حَمْله عَلَى إِطْلَاقه لِمُرَاعَاةِ السِّتْر فَتَأَمَّلْ. انتهى.

وقال النووي: أما صفوف الرجال فهي على عمومها، فخيرها أولها أبدا، وشرها آخرها أبداً، أما صفوف النساء فالمراد بالحديث صفوف النساء اللواتي يصلين مع الرجال، وأما إذا صلين متميزات لا مع الرجال فهن كالرجال خير صفوفهن أولها وشرها آخرها والمراد بشر الصفوف في الرجال والنساء أقلها ثواباً وفضلاً وأبعدها من مطلوب الشرع، وخيرها بعكسه، وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال بعدهن من مخالطة الرجال ورؤيتهن وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك، وذم أول صفوفهن لعكس ذلك. والله أعلم.

فإذا كان هذا في المقاربة، فما بالك بالمصافة والتجاور.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني