الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أثناء تصفحي لمراكز الفتوى مررت برواية عن أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ لم أستطع الوصول لتخريج لها لبيان صحتها، فأتمنى أن تفيدوني بتخريج، وإن لم تكن الرواية صحيحة، فما هو البديل الصحيح لها مع التوضيح جزاكم الله خيرا؟ وفيها أن المرأة قالت: يا أم المؤمنين، إن في وجهي شعرات أفأنتفهن أتقرب بذلك لزوجي؟ فقالت: أميطي عنك الأذى وتصنعي لزوجك كما تصنعين للزيارة ـ حيث ورد لفظ حف بدلا من نتف في رواية أخرى، وجزاكم الله عنا خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن هذا الأثر أخرجه عبد الرزاق في مصنفه: عن معمر والثوري عن أبي إسحاق عن امرأة بن أبي الصقر أنها كانت عند عائشة فسألتها امرأة فقالت: يا أم المؤمنين إن في وجهي شعرات أفأنتفهن أتزين بذلك لزوجي؟ فقالت عائشة: أميطي عنك الأذى وتصنعي لزوجك كما تصنعين للزيارة، وإذا أمرك فلتطيعيه، وإذا أقسم عليك فأبريه، ولا تأذني في بيته لمن يكره.

وأخرجه الطبري أيضا من طريق أبي إسحاق: عن امرأته أنها دخلت على عائشة وكانت شابة يعجبها الجمال فقالت: المرأة تحف جبينها لزوجها؟ فقالت: أميطي عنك الأذى ما استطعت. والأثر ضعفه الألباني في غاية المرام.

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري بعد أن ذكر رواية الطبري: وقال النووي: يجوز التزين بما ذكر إلا الحف فإنه من جملة النماص .انتهى.

وقد اعتبر الطبري رواية تحف غلطا، ففي شرح البخاري لابن بطال، بعد أن ذكر الأثر المذكور: قال الطبرى: هكذا قال ابن المثنى: تحف ـ وهو غلط، لأن الحف بالشيء هو الإطافة به، وإنما هو تحفي بمعنى تستأصله حلقًا أو نتفًا. انتهى.

والمراد بالشعر هنا ما عدا الحاجبين من شعر الوجه إذا نبت للمرأة فتجوز إزالته بالحلق أو النتف، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 147061.

وفي الموسوعة الفقهية: وَتَحْسِينُ وَجْهِ الْمَرْأَةِ يَكُونُ بِتَنْقِيَتِهِ مِنَ الشَّعْرِ النَّابِتِ فِي غَيْرِ أَمَاكِنِهِ، فَيُسْتَحَبُّ لَهَا إِزَالَتُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَإِذَا أَمَرَهَا الزَّوْجُ بِإِزَالَتِهِ وَجَبَ عَلَيْهَا ذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، فَقَدْ رَوَتِ امْرَأَةُ بْنِ أَبِي الصَّقْرِ: أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ـ فَسَأَلَتْهَا امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ فِي وَجْهِي شَعْرَاتٍ أَفَأَنْتِفُهُنَّ، أَتَزَيَّنُ بِذَلِكَ لِزَوْجِي؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَمِيطِي عَنْكِ الأْذَى، وَتَصَنَّعِي لِزَوْجِكِ كَمَا تَصَنَّعِينَ لِلزِّيَارَةِ، وَإِنْ أَمَرَكِ فَأَطِيعِيهِ، وَإِنْ أَقْسَمَ عَلَيْكِ فَأَبَرِّيهِ. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني