الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرقى والتعوذ بالقرآن هل يعد من الشرك؟

السؤال

هل الرقية بالقرآن أو قراءة آية الكرسي تمنع إيذاء الشيطان؟ لأن الحديث يقول: إن من قرأها لا يستطيع الشيطان إيذاءه حتى يمسي، وغيرها من الأذكار مثل: من قال لا إله الله وحده لا شريك له إلى آخره مائة مرة تكون له حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، وما شابه ذلك، فهل ذلك يعتبر شركًا بالله؟ ولماذا لم يذكر ذلك في القرآن؟ فالله أمرنا أن نقول: قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد.
وأيضًا أمرنا الله أن نقول: قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس.
وأيضًا أمرنا أن نقول: وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون.
فالموجود في القرآن هو أن نستعين بالله فقط، وليس قراءة آية الكرسي أو رقية أو غير ذلك، علماً أنه يوجد حديث يقول: الرقية والتمائم والتولة شرك، والبعض يقول إن الرقى كان يقصد بها أن تكون شركًا، ولو كان ذلك لما تركها مفتوحة، ولكن أضاف جملة إن لم يكن بها شرك.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن هذا ليس من الشرك، فإن القرآن كلام الله، وقد شرع التعوذ بكلام الله كما في حديث البخاري: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعوذ الحسن والحسين، يقول: أعيذكما بكلمات الله التامات من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة.

وآية الكرسي هي أعظم آياته كما في صحيح مسلم عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا أبا المنذر: أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ قال: قلت: الله لا إله إلا هو الحي القيوم، قال: فضرب في صدري، وقال: والله ليهنك العلم أبا المنذر.

وأما كون هذا لم يذكر في القرآن الكريم، فهذا لا ينفي مشروعيته، فهو مثل كثير من الأمور الشرعية الثابتة بالوحي عن طريق السنة، ومنها ما ذكرت من حديث من قال لا إله إلا الله .... وقد شرع الله تعالى الأخذ بالثابت في السنة في غير آية من كتابه فقال سبحانه: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا {الحشر:7}.

وقال سبحانه وتعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ {الأحزاب:36}. وقال سبحانه: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ {النحل:44}. وفي حديث المقدام بن معد يكرب: أَلا إِنِّي أُوتيت الْكتاب وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ الله كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ، أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمُ لحم الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السَّبع وَلَا لُقَطَةُ مُعَاهَدٍ إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا، وَمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يُقْرُوهُ فَإِنْ لَمْ يَقْرُوهُ فَلَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ. قال الألباني: صحيح.

وأما الرقى: فهي جائزة إن تؤكد من سلامتها من الشرك، فقد روى مسلم من حديث عوف بن مالك الأشجعي قال: كنا نرقي في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا على رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني