الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يأثم الولي إن رفض خاطبا مرضي الدين والخلق

السؤال

فضيلة الشيخ تقدمت لخطبة فتاة كان أهلها موافقين لكن أباها غير رأيه بذريعة أسباب مادية لا أساس لها من الصحة، ولم يكتف بذلك فقد أخبر عائلته بأني أشتغل عند أحد التجار ووالله إني لم أشتغل عند أحد ولا مرة بل كنت أعمل شريكا مع أحد التجار، وقال لهم بأن أموري المادية ليست بالمستوى الذي يريده هو، حاول أفراد عائلته إقناعه لكن بلا فائدة، وقال لهم بأن القرار قراره وأنه يريد ضمان مستقبل ابنته المادي وأجبر ابنته على رفضي بسبب ذلك، وكأن الأمر يخصه وحده، طلبت لقاءه للحديث معه وقلت لهم بأني على استعداد لكل طلباته المادية من مسكن مستقل إلى غير ذلك لكنه رفض حتى استقبالي . الفتاة لها ظروف صعبة ليس من مصلحتها أن يعلمها أحد كما ألمحت لي، وقد خطبت قبل أيام لغيري، لقد وضعها والدها في موقف محرج لأنه لا يهمه إلا الماديات ولم يحتكم لشرع الله ورسوله عليه الصلاة والسلام فيما أمرا به في موضوع الزواج، ولا يعلم حجم الخطأ الذي وقع فيه لأن الفتاة ستضطر لأن تخبر كل من يتقدم لخطبتها عن ظروفها ومن سيضمن أن يكتم الناس الخبر. هل ما فعله والد الفتاة يعتبر ظلما لي ولها وشهادة زور وعضل وقد أدى ما قام به إلى إفساد زواجنا بغير حق بسببه، ويعلم الله ما تعرضت له من أذى وضيق وأصبحت أعاني من صداع مستمر، وأصبت بمرض بسبب ذلك حسبي الله، وهل يمكن أن أدعو الله جل في علاه لأن يوفقني للزواج منها فدعاء المظلوم ليس بينه وبين الله حجاب وسهام الليل لا تخطىء. علما أن والد الفتاة أشاد بتديني وتربيتي وعلما أني لست بالشاب الذي يرفض لسبب مادي لكن قلة اليقين بالله والطمع يعميان البصيرة، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ينبغي لولي الفتاة أن يرفض خاطبا ملتزما بالشرع، فمن أهم ما ينبغي النظر إليه واعتباره في الخاطب الدين والخلق، روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه. ولا ينبغي جعل الأمور المادية حائلا دون القبول بمثل هذا الخاطب. ولكن لا يعتبر هذا الولي ظالما إن لم يقبل هذه الخطبة، بل إن الأمر في الحديث السابق ليس للوجوب وإنما هو للندب المؤكد.

قال المناوي في فيض القدير في بيان معنى الحديث السابق : (فزوجوه) إياها، وفي رواية فأنكحوه أي ندبا مؤكدا بل إن دعت الحاجة وجب .اهـ
وإذا خطبت هذه الفتاة من قبل شخص آخر وركن كل منهما للآخر بأن تمت الموافقة بينهما فيجب عليك اجتنابها تماما، ودعاؤك بأن يجعلها الله لك زوجة لا يجوز في هذه الحالة لما فيه من الاعتداء والسعي في إفساد هذه الخطبة، وانظر الفتوى رقم 75749. وإن كانت قد ارتكبت إثما فلا يجوز لها أن تخبر به أحدا لا خاطبها ولا غيره، بل يجب عليها التوبة والستر على نفسها، ويمكن أن تستخدم التورية إذا اطلع منها على شيء. وتراجع الفتوى رقم 35269.

وإذا لم تتم الموافقة على هذه الخطبة فلا حرج عليك في الدعاء بالتوفيق إلى الزواج منها إن كانت دينة، ولا بأس بالمحاولة مرة أخرى لإقناع وليها، فإن وافق فذاك وإلا فابحث عن غيرها، فالنساء غيرها كثير، وقد يكون في الزواج منها شر صرفه الله عنك. ولمعرفة السبيل إلى علاج العشق راجع الفتوى رقم 9360.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني