الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فسخ الخطبة هل يعتبر ظلما للخطيبة

السؤال

كنت قد قمت بخطبة فتاة، وقد تمت الخطبة في ظروف خاصة حيث إنهم قد علموا أني أود التقدم لخطبتها بطريق الخطأ وأنا لم أكن أنوي ذلك، ولكنهم أبدوا رغبتهم ووافقوا ووافقت الفتاة.
وأنا لم أكن راغبا بتلك الخطبة بالإضافة إلى أن أمي هي من رشحتها لي في البداية، وعندما رفضت حيث إنني لم أشعر براحة تجاه ذلك الأمر قالت لي كما تشاء.
وعندما وافقت الفتاة وأسرتها بناء على ذلك الخبر الخاطئ لم أستطع قول إني رافض حيث إني وجدت أن كل شيء يتم دون تدخلي لا أنا ولا أهلي وكأنهم هم من يخطبوني.
قمت بصلاة الاستخارة عدة مرات ولكني من الأساس لم أكن أشعر بالراحة.
في النهاية قلت: وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم
وقلت الخيرة فيما اختاره الله.
في خلال تلك الفترة حاولت مرارا وتكرار أن أنهي كل شيء ولكني كنت كلما أخرج من المنزل وأذهب إليهم عازما على إنهاء كل شيء كنت أذهب وعندما أصل لا أستطيع قول شيء.
وفي النهاية تمت الخطبة.
تشاجرنا سويا في نفس اليوم أنا وهي وذلك عندما وصل إليها كل الحديث الذي كان يدور بيني وبين أمي من خلال شد وجذب حول هذا الأمر، وكيف أنه تم وأنهم هم من يديرون وينهون كل شيء.
ومن ثم تصالحنا واستمرت الخطبة لمدة 59 يوما تقريبا، ما بين يوم يمر علي خير من دون أي مشاكل، وآخر تحدث فيه مناوشة تصل بيننا إلى شجار ننهي على إثره المحادثة.
لا أقول إني لم أكن سيئا بل كنت، حيث إنني كنت في معظم الأوقات أتصيد بعض الأمور.
كما أنني في معظم الأوقات كنا نكون بخير ونمزح ونتحدث وبمجرد ما تنتهي المكالمة أشعر بضيق.
كل ذلك ولم تكن أمي راضية بالأمر لسبب أنها عرضتها علي في بادئ الأمر ورفضت.
ولكن الأمر أصبح غصبا حيث إن أهل الفتاة هم من أتم كل شيء لهذه الخطبة.
وكانت دائما تكرر هذه حياتك فلا تظلمها معك، لأنك لم تردها في بادئ الأمر والآن هي غصبت عليك
ففكر جيدا لأنها لو أصبحت زوجتك وحدث شيء فسيكون ظلمك لها عظيم.
وبعد هذا حدثت مناوشات بيني وبين خطيبتي على إثرها أنهينا كل شيء.
* ملحوظة: هناك أمر كان قد حدث في ثاني أيام الخطوبة
كنت جالسا معها وإذا فجأة وأنا أنظر إليها وكأني أري جسدا من دون رأس، ومرة أخرى جسد ورأس من دون رقبة.
ونفس الشيء تكرر معها وهي تنظر إلي وشعرت بذلك عندما أخذت تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.
فقمنا بتغيير المكان فتكرر الشيء معي وعندها استأذنت وانصرفت.
ولم يتكرر الأمر في اليوم الثالث عند جلوسنا.
ولكن سؤالي حول هل أكون قد ظلمتها؟
وأنا أخشى والعياذ بالله من أن أكون من هؤلاء الذين يظلمون في الدنيا فألقى عذابي يوم القيامة.
وجزاكم الله كل خير .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان المقصود السؤال عما إن كنت قد ظلمتها بفسخ الخطبة، فالجواب أن الخطبة مجرد مواعدة بين الخاطب والمخطوبة يحق لأيهما فسخها متى شاء، إلا أنه لا ينبغي فسخها لغير مسوغ شرعي كما ذكر أهل العلم، وراجع الفتوى رقم: 18857.

واعلم أن الخاطب أجنبي عن مخطوبته حتى يعقد له عليها، فلا يجوز له محادثتها لغير حاجة أو الخلوة بها ونحو ذلك مما يحرم شرعا بين الأجنبيين كما بينا بالفتوى رقم 57291. وعليه؛ فالواجب عليك التوبة مما وقع منك من تفريط بهذه المحادثات والمجالسات على وجه غير مشروع. وما دمت لا ترغب في الزواج منها ابتداء فقد كان ينبغي لك أن تكون حازما فتعتذر لأهلها بلطف، وأما التهاون والضعف فإنه يجر إلى مثل هذه العواقب غير الحميدة. هذا مع العلم بأنه لا يجوز لأي من الوالدين إرغام ولدهما على الزواج بمن لا يرغب فيها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وليس لأحد الأبوين إلزام الولد بنكاح من لا يريد. . ا هـ.

وما ذكرت من أنك عندما كنت تنظر إليها كأنك ترى جسدا من دون رأس ومرة أخري جسدا ورأسا من دون رقبة...الخ. فلا ندري ما هو ولا نستطيع الجزم فيه بشيء، وقد يكون تخييلا من الشيطان ونحو ذلك.

ونوصيك في الختام بالحرص على الزواج من ذات الدين والخلق، فإنها أدعى لأن تعرف لزوجها حقه وأن تدوم معها الحياة، روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة. وفي سنن ابن ماجه عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خير له من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني